لاشك بأن المتابع للصحافة المحلية في الآونة الأخيرة لاحظ التناول الصحفي الكبير لموضوع الليبرالية. هذا النقاش الليبرالي أتى نتيجة التصريحات الغذامية التي تبنت الليبرالية موضوعاً لها في محاضرتها الموشومة الأخيرة، والتي أتبعها بوصفه لها بأنها هوية من لا هوية له ! التشكيك في الليبرالية السعودية ودورها كان موفقاً بل وضرورياً، خاصة لمجتمع اعتاد رفض كل تغيير ويعاني من صعوبة تقبل أي جديد. مجتمع لم يسمع عن الليبرالية إلا حديثاً بأنها منتج غربي مستورد هدفه الإضرار بجميع فئاته. هذه الصورة المبهمة وغير الواضحة حول الليبرالية عوضاً من أن تتضح تحولت إلى خوف وحذرمرفوض قد يلام بسببها كل من أعتقد بأهميتها وبحاجة المجتمع لها لأنه لم يساهم في التعريف بها وبالمنتظر منها. هذا الخوف نجده واقعاً ملموساً بل تجاوز ذلك بأن أصبح تصنيفاً فكرياً واجتماعياً يجرعلى صاحبه العديد من المشاكل. التساؤل حول الخوف من الليبرالية أصبح مطروحاً ايضا، لماذا كل هذا الخوف ؟ لماذا الخوف من الاعتراف بأنك انسان ليبرالي، ونحن نمارس الليبرالية في حياتنا بشكل أو بآخر. عندما تؤمن بقيمة الانسان فأنت ليبرالي ، وعندما تدافع عن حرية الاختيار والتعبير فأنت ليبرالي، وعندما تدعو إلى المشاركة وإبداء الرأي فأنت تطبق الليبرالية في أحسن أشكالها. لماذا الخوف من الليبرالية وهي الحرية المنضبطة المسؤولة، لماذا الخوف من الليبرالية وهي حق الحياة و حق كل انسان. لماذا الخوف من الليبرالية طالما أنها ليست تياراً سياسياً، أو فكراً تعصبياً، أو حزباً معارضاً أو عقيدة دينية. لماذا الخوف منها طالما أنها لاتتعارض مع غيرها ولا تهاجم أعداءها ولا تدعو إلى أي تعصب أو رفض. لماذا الخوف من الليبرالية وهي تضع الفرد صوب عينها، تهتم له وتطالب بحقه ، هي بذلك لا تدعو إلى انفراديته وعزلته كما يظن البعض، ولكنها تؤمن بحقه الانساني وبدوره الاجتماعي. لماذا الخوف من الليبرالية وهي تؤمن بالعدالة وتدعو إلى التسامح. « الليبرالية ببساطة عش ودع غيرك يعيش» كما أحسن وصفها الدكتور تركي الحمد مؤخراً. بعد كل ذلك نستطيع الجزم بأن الخوف من الليبرالية غيرمنطقي وغير مبرر بل ومتناقض. وأن هذا الخوف لا تُلام عليه الليبرالية نفسها بل ثقافة المسميات عندنا. ملوك الشيخ – جدة