برزت على السطح في الآونة الأخيرة العديد من القضايا التي شكا فيها شبان من تعرضهم للخداع من قبل بعض الأسر أثناء الرؤية الشرعية عند الإقدام على خطبة ابنتهم. حيث شكا بعض الخُطّاب من تعمد الوسيطة أو ولي أمر المخطوبة بعرض فتاة أخرى عليه، ثم ما يلبث أن يكتشف العريس وذووه تلك الخدعة، ومن ثم ينتهي الأمر إلى الطلاق السريع. وهناك إجماع بأن ذلك يعد نوعاً من الغش والاحتيال والخداع يخالف تعاليم ديننا الحنيف. وعبر هذا الموضوع نستمع إلى بعض القصص والروايات التي تعرض لها بعض الشبان المقدمين على الزواج، بعد أن اكتشفوا وقوعهم في فخ الخداع وأن الفتاة التي رأوها أو التي عرضت عليهم كزوجة ليست هي، بل هي فتاة أخرى لا تمت للأولى بأي شبه. حيل الوسيطات تقول والدة أحد العرسان ويدعى وليد محمد من محافظة جدة: أن ما تعرض له ابني هو خدعة كبرى، بل مصيبة حقيقية أصابته بصدمة نفسية كبيرة. فلقد كانت تزورنا سيدة عرفت بأنها وسيطة زواج، وكانت في كل زيارة تبدي رغبتها عن مساعدة أي من أبنائي أو بناتي للعثور على الزوج أو الزوجة المناسبة مقابل عمولة تتقاضاها، حيث أوضحنا لها رغبة ابني الأكبر في العثور على زوجة حسب الأوصاف التي يرغبها هو، ومن ضمن تلك الأوصاف أن يكون شعرها طويلا وأن تكون بيضاء اللون، فما كان أن أكدت هذه السيدة الوسيطة على وجود هذه الفتاة وبنفس الشروط التي يرغبها ابني، وعليه دفع مبلغ العمولة لها، وبالفعل ذهبت مع ابني إلى منزل هذه السيدة لكي نشاهد الفتاة على الطبيعة كرؤية شرعية، وبالفعل تم ذلك وكان نفس الشرط والمواصفات التي رغبها إبني. ثم بعد ذلك جاءت المرحلة الثانية وهي التقدم لخطبتها رسمياً من أسرتها وتمت الموافقة وعقد القران، ولكن في تلك الليلة فوجئ ابني بأنها ليست الفتاة التي رآها من قبل وليس هناك أدنى تشابه بينهما، فإصيب بإحباط وغضب شديدين وإضطر إلى طلاقها في نفس ليلة عقد القران، وأخذنا نبحث عن المرأة الواسطة ولكنها اختفت عن الأنظار، وعلمنا أنها دأبت على مثل هذه الممارسات الخطيرة ولها سوابق في ذلك، ولكن ماذا يفيد بعد أن أصيب إبني بأزمة نفسية ولازال رافضا لتكرار التجربة بعد هذه الحادثة. خدعة أخرى خدعة أخرى تعرض لها أحد الشبان، والذي رمز إلى اسمه ب(م .ع)، حيث قال: أبلغ من العمر 32 عاماً، والقصة التي سأرويها لكم هي أن أحد زملائي في العمل وهو متقدم في السن (65) عاماً كان دائماً ما يحثني على الزواج ويبدي إستعداده لتزويجي من ابنته، وسألته عن بعض المعلومات عن العروس المنتظر فأكد لي بأنها تبلغ من العمر 22 عاماً وهي طالبة في الجامعة ومثقفة وجميلة حسب قوله. وبناءً عليه وما تنص عليه الشريعة الإسلامية الحنيفة ذهبت برفقة شقيقتي الكبري حتى نرى العروس، وكان ما كان حيث رأيناها على أرض الواقع وكانت حسب ما أرغبه حيث أعجبتني، فبدأت استكمال مراسيم الزواج، وتم عقد القران عليها رسمياً وسط حفل حضره عدد كبير من المعازيم. في اليوم الثاني بدأت الإتصالات بيني وبين عروسي عبر الهاتف وإستمرت هذه الإتصالات بشكل يومي كنا خلالها نتناقش عن المستقبل وتوقعات الحياة الزوجية وطرحنا فيها أحلامنا وتطلعاتنا كزوجين، ولكنني لاحظت أنني كلما كنت أطلب زيارتها بعد أن أصبحت زوجة، كانت تتهرب وتماطل وترفض لقائي بحجج مختلفة، فتارة تزعم بأنها ترافق والدتها في المستشفى وتارة أخرى أنها ذاهبة لزيارة الجيران أو مدعوة لمناسبة ما، واستمر ذلك لوقت طويل، وحينما تحدثت مع والدها بشأن ذلك أخبرني بأنه حسب العرف المتبع لديهم في الأسرة لا يجوز رؤيتها إلا ليلة “الدخلة” أي بعد ستة أشهر. فساورني الشك في ذلك وأصريت على أن ألتقي بها بحضور والدتها أو حضوره هو شخصياً ولكنه كان يرفض ويماطل الأمر الذي زاد من شكوكي وشكوك أسرتي، فتقدمنا إلى المحكمة بطلب رؤية زوجتي والتحادث معها، فصدر أمر القاضي بإلزام الأب بذلك فرضخ، ولكنني حينما نفذت ذلك وبحضور والدتي فوجئت بأنها ليست هي الزوجة التي رأيتها سابقاً، بل فتاة أخرى أكبر مني سناً وقد تجاوزت الأربعين. وعلمت فيما بعد أن التي رأيتها في السابق وأعجبت بها وبناءً عليه تم إستكمال مراسيم الزفاف ما هي إلا ابنة جيرانهم، وعليه أضطررت لطلاقها ورفع قضية ضد والدها وأسرتها. العادات ورؤية المخطوبة ويحكي الشاب رامي من المدينةالمنورة قصته فيقول: بعد أن تمت الرؤية الشرعية لخطيبتي في منزل أسرتها تم عقد قراني منها، ولكن والدها اشترط ألا أزورهم أو يسمح لي برؤيتها مرة أخرى إلا في ليلة الزفاف أي بعد ثلاثة أشهر من عقد القران، وقبلت بالشرط بحجة أن ذلك حسب عادات تلك الأسرة وتقاليدها المتبعة وهي تقاليد صارمة، وبعد أن أنهيت ترتيبات تجهيز عش الزوجية بالكامل جاءت المرحلة الختامية للزواج، ولكن في ليلة الدخلة فوجئت بأنها ليست الفتاة التي رأيتها من قبل، فأصبت وأسرتي بصدمة وحالة غضب وتقدمت بشكوى إلى المحكمة تجاه هذه القضية. خطأ الأسرة ومن جانبها قالت المستشارة الأسرية والأخصائية الإجتماعية بجامعة الملك عبدالعزيز هدى المرزوق: أن من الواجبات الشرعية رؤية الشاب للفتاة قبل الإرتباط بها، ولا يجوز التمويه أو الخداع أو التدليس، ومن الخطأ على أسرة العروس إحلال فتاة مكان أخرى بحجة جمالها عند الرؤية الشرعية، وعند الزواج تكون الفتاة الحقيقية، فهذا يعتبر غش وعدم مصداقية، وكل ذلك سيؤدي إلى الطلاق في النهاية، وبذلك تكون الفتاة هي الخاسر الأكبر، وستعود لمنزل والدها وبالتالي ستتحمل الأسرة كل ما جرى لابنتها في النهاية.