* مستشفياتنا الحكومية جوانب القصور فيها كثيرة، في الوقت الذي نجد فيه مستشفياتنا الخاصة مُستنزفة لجيوبنا، وما بين هذه وتلك أضعنا المواطن، فالقصور في مستشفياتنا واضح، تجدون معاينته لدى كل مريض يحتاجهم، والناس في ضيق وكرب عظيم مما يجدون من معاناة؛ في كل ما يذهبون إليه لدى مستشفياتنا الموقرة.. حيث لا يكفي المريض مرضه وألمه مما يجد، حتى تنهال عليه عدة عوائق وعوالق، ليظل مُعلَّقًا أكبر مدة ينتظرها مريض في العالم، حتى تباشر المستشفى في علاجه. * شكت إليَّ إحدى الفتيات حال والدها، -والشكاوى في هذا المجال لا تُحصى-، أن والدها في أول يوم مطر في جدة المصون، كان يسير بحذر بعد خروجه من المسجد، فكان هناك شبه منخفض لا يتجاوز الثلاث سنتيمترات، وقد كان الوالد يتكئ على عكاز حرصًا منه على رجليه، فمفاصل ركبتيه صناعية، وحين شعر بالانخفاض البسيط من تحت قدميه اتكأ على الرجل الأخرى، في هذه اللحظة انكسرت عظمة الفخذ من فوق الركبة، ولأنها صناعية تحتاج -حتى تجرى للمريض عملية الجبارة- إلى قطعة من المعدن بطول عظمة الفخذ تقريبًا، حتى تدخل في تجويف العظم ثم يُحقن التجويف بمادة تساعد على التئام الكسر. * تقول: لا يزال والدي منذ يوم المطر وإلى يومنا هذا، -أي أربعة عشر يومًا ويزيد، والله العالم إلى متى سيطول انتظاره- وهو ينتظر هذه القطعة التي تُصنع في ألمانيا.. هو يعاني الأمرين، رجل كبير، كسره مفتوح ورجله مشدودة بالسرير، ليبعدوا العظمة عن الأخرى، فألمها لا يُطاق، وطول هذه الفترة والطاقم الطبي محتارون فيه، وكل ما اشتد به الألم ضاعفوا له المسكنات وجرعات من الأدوية، نخشى مع الوقت أن تضر به لا قدر الله، وتُؤثِّر بشكلٍ سلبي في الكبد أو الكلى والبنكرياس أو القناة الهضمية... إلخ، لأنها كلها معرضة أن تتأثر من سيل المواد الغريبة على جسمه، خصوصًا وقلب الوالد مُتعب، فهو يعمل (بربع قلب)... إلخ، أكتفي بهذا. * من عدة قصص كل يوم مُخجلة ومُخيفة ومُفزعة، ولمن يعانون من أبسط طارئ يُفضِّل تَحمُّل ألمه في صمت، ولا تأخذه رجلاه إلى حتفه بيد طبيب غير مُتخصِّص، أو ممّن يُمارسون عليهم المهنة بالتخمين، فالكثير من المرضى يأتون في حالة سيئة إلى الطوارئ -غالبًا- ويباشرونهم بأدوية أو حتى حبة بندول -كما قال أحدهم في شكواه- وإذا بالمريض قد فارق الحياة، إذ تعارض هذا الدواء الذي أُعطي كمسعف للمريض دون “تشخيص”، والشخص يكون ممن يعانون مرضًا خطيرًا. * متى تهتم المستشفيات لدينا والمستشفى الجامعي بالذات بدراسة الحالات المتغيرة أو المتجددة مع احتياجات العصر، كحالة والد الأخت الذي يعاني من انكسار في عظمة فخذه ويحتاج إلى قطعة من المعدن، مثل هذا المريض، لماذا لا تُدرس حالته من شتى النواحي والاحتياجات إن تَعرَّض لأبسط انزلاق أو تعثر، وقِس عليه مئات الحالات مثله، مثل هذا الرجل كسرت عظمة فخذه وهو واقف، واتكأ على عكاز، فكيف يا حضرات الأطباء لو أنه سقط وتضاعفت لديه الكسور، بماذا كنتم أبليتم وأنقذتم وعالجتم؟!.. 14 - 15- 19 يومًا يُنتظر أن تُصنع له قطعة من المعدن تدخل في تجويف العظم، وعجز الأطباء عن توصيفها وليس تصنيعها، نحن نقول فقط أعدوا مواصفاتها حتى نطلبها ونصنعها بالخارج، المهم إن احتاجها مريض بمثل هذه الحالة تكون لدينا جاهزة ومتوفرة، وكذلك شح الأدوية والنقص الكبير فيها، لماذا لا تواكب البنية التحتية التطور السكاني، ولماذا لا تُطور المستشفيات لتستوعب مرضانا، ولماذا نقص الأسرّة، ولماذا قائمة الانتظار التي بلغت في تماديها بالأشهر والمريض يعاني ويصارع الألم والحاجة؟! ولماذا كل هذا العجز والتراخي وميزانية وزارة الصحة تأتي بعد التعليم، بينما يعاني المواطن مشقة البحث عن مستشفى يقبله، أو حبة دواء أو سرير يرقد عليه، ما هذا التناقض المخجل؟! ألا يفكر من يحملون الأمانة أن عين الله ترقبهم..؟! عدد المراجعين وعدد المرضى الذي بات بأرقام كبيرة جدًا، هل يُقتل أغلبهم بسبب إهمال ممرضة مستهترة، أو طبيب مُقصِّر..؟! لماذا لا يأخذ المريض الوقت الكافي ليتم تشخيص مرضه بتمعّن ولا يُؤخذ بعشوائية..؟! ومتى يخجل المُقصِّرون من قصورهم وضعفهم وفشلهم ومن شكاية بعضهم البعض، كُلٌّ يشكي الآخر ويتهم الآخر، ويلقي بالمسؤولية على الذي قبله..؟! والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من يقف مع هؤلاء المرضى، ومَن يُدافع عن حقوقهم، وهل سيطول انتظارهم..؟!