في محاضرة أمام طلبة العلوم السياسية في جامعة كونورديا بمدينة مونتريال بكندا عندما كنت سفيرا للمملكة هناك، قدمني أستاذ العلوم السياسية إلى الطلاب بقوله: «السفير الصويغ هو دبلوماسي سعودي بدأ عمله بعد نيله درجة الدكتوراه في العلوم السياسية في سلك التدريس الجامعي ثم ترقى ليصبح وكيل وزارة الإعلام ثم سفيراً في وزارة الخارجية السعودية ثم عضوا في مجلس الشوري السعودي .. وهو بيننا الآن سفيرا للمملكة العربية السعودية في كندا». كان ردي على هذا التقديم هو الشكر لاستضافتي للحديث إلى طلاب إحدى الجامعات العريقة .. الخ، وقلت أن لي تحفظا واحدا على التقديم الرائع وهو أني لا أعتبر انتقالي للعمل من أستاذ جامعي إلى وكيل وزارة وما بعده ترقية .. بل هو انتقال من جهة إلى جهة أخرى حيث لا يمكن أن يكون هناك عمل أرقى ولا أمتع من مهنة التدريس الجامعي. تداعى هذا الموقف أمامي وأنا أقرأ خبر تعيين الرئيس الأمريكي باراك أوباما جين سبيرلنغ كبيرا للمستشارين الاقتصاديين للبيت الابيض خلفاً ل (لورانس سامرز) الذي اعلن اخر الصيف الماضي رغبته في استعادة وظيفته كأستاذ جامعي بعد ان عمل على خطة الانعاش الاقتصادي المكثفة التي اعتمدت خلال الاسابيع الاولى من رئاسة أوباما مطلع 2009. ولا تعليق لي سوى التساؤل: أين نحن من مثل هذه العقليات التي ترى في المنصب تكليفا لإنجاز مهمة معينة يعود بعدها الشخص إلى عمله دون أن يغريه المنصب الحكومي فيتشبث بالكرسي إلى نهاية العمر.