مَن منّا لا ينشدُ السعادةَ.. إنها حلمُ الجميع.. فكلُّ إنسانٍ مهما كانت ثقافته أو درجة تعليمه يريد أن يصبح سعيدًا.. أو يسعى أن يكون سعيدًا؟!.. وقد يجمع الكثيرون على أن السعادة هي راحة البال، وراحة البال هي أفضل هدية تهديها لنفسك.. والسعادة أن يكون لديك الشعور القوي بتقدير الذات، والقدرة على التعامل مع الحياة بعجرها وبجرها، وتقبّلك تقلّباتها بصدر رحب. وتزداد سعادتك قوة إذا أدركت أن النجاح والثروة لا علاقة لهما بالسعادة. في هذا السياق، وقبل أكثر من ثمانين عامًا نشر هكسلي روايته الشهيرة (عالم جديد شجاع)، تخيّل فيه العالم بعد ستة قرون، وتنبأ بعقار سمّاه (صوما)، يخلّص الفرد من الكآبة والحزن في مجتمع طبقي، استحوذت التكنولوجيا على كل شيء في حياته، وأصبح خاوي الوفاض من الجانب الروحي، ومع ذلك فإن هكسلي لا يرى خيرًا في ال“صوما” (حبة السعادة)؛ لأنها تصيب الناس بالتخدير، وتجعلهم يشجعون السلوك السلبي، والأحكام القمعية، لكن سرعان ما استدرك بعد (15) عامًا بأن ما توقّع حدوثه بعد ستمائة عام قد أوشك أن يتحقق، وكان يشير في ذلك إلى ما تحقق من نشاط في علم الوراثة، وعلم العقاقير. وقبل أكثر من عقدين من الزمن ظهر عقار (البروزاك Prozac)، و(السيرزون Serzone)، وغيرهما... وكلها -كما تشير نشراتها التسويقية- تنتشل بعض المرضى من الحزن والبؤس، وتجعلهم أكثر انشراحًا، وهي ما تسمّى بعقاقير مضادات الاكتئاب، التي يستخدمها الآن ما يربو عن مائتي مليون شخص، بعد أن كان استعمالها قبل عقدين من الزمن لا يتجاوز ثلاثين مليون شخص، وحققت الشركة المصنّعة له (إيلي ليلى) ما يعادل 25 بليون دولار. وعلى طريقة الأستاذ القدير أحمد العرفج، حسنًا.. ماذا بقي؟ قد ينصرف الذهن في نهاية ما ذُكر بأن هناك دواءً، أو أكثر يمكن أن يعين بعض المكتئبين لمساعدة أنفسهم لكي ينشدوا العلاج دون وجل، أو قد ينصرف ذهن البعض إلى مفهوم السعادة، وكيف نعرفها، أو نحس بها.. أمّا ما يمكن قبوله وفق توقّعات بعض القرّاء في أن النجاح والثروة لا علاقة لهما بالسعادة، فقد يحتاج إلى وقفة أخرى، أو تدخل سلمي من قِبل الأستاذ العرفج، وبالطريقة العرفجية المعهودة، ودمتم بخير. فاكس/ 026980564 [email protected]