في هذا الوقت تحديدًا انطلقت باتجاه مستشفى الملك عبدالعزيز جنوب محافظة جدة بهدف الوقوف على واقع الحال فيه ميدانيا، وذلك بعد ارتفاع أصوات كثير من المرضى بالشكوى من الازدحام الذي وصفوه ب «غير الطبيعي وغير المنطقي» في قسم الطوارئ خاصة بعد منتصف الليل. ولا أستطيع أن أنكر المخاوف التي داخلتني وأنا أقرر القيام بهذه المهمة اعتقادا مني بأنها لن تكون سهلة وربما أواجه بأكثر من حاجز قبل أن أصل إلى هدفي، خاصة في ظل حوادث اختطاف المواليد الأخيرة وما تبع ذلك من تأكيد وزارة الصحة على تشديد إجراءاتها بحيث ترصد كل شاردة وواردة، وهذه المخاوف هي التي دفعتني إلى الذهاب في هذه المهمة بمفردي دون مصور. وبالفعل جاء واقع الحال مطابقا لشكوى المراجعين حيث رصدنا من خلال جولتنا ازدحام المرضى في صالات الطوارئ بانتظار دورهم في الكشف، وهو انتظار سيطول حتما في ظل وجود طبيب واحد للكشف على جميع المرضى نساء ورجالا، بجانب طبيب آخر للأطفال. وتأكيدا على هذا الواقع قال المدير المناوب وهو طبيب وافد، عندما سألناه عن أسباب الزحام: «سوف اطلب من الهلال الاحمر أن يوقف الحالات الطارئة فالمستشفى مكتظ جدا كما ترى، ولن نستقبل أي حالة طارئة»، وبالطبع كان ذلك قبل أن يعرف بطبيعة مهمتنا الصحفية. غرفة الإنعاش البداية كانت من غرفة الإنعاش حيث شاهدنا رجلا وطفلا هبطت بهما طائرة الهلال الاحمر «الإسعاف الطبي الطائر» في طوارئ المستشفى الذي اكتظت ممراته بالمراجعين، كانت حالتهما حرجة للغاية وقد غطت الدماء وجهيهما جراء حادث مروري، في الوقت الذي وقف فيه شاب يراقب حالة والده في غرفة الإنعاش رغم محاولة رجل الأمن منعه من الوقوف، ولكن دون جدوى. «نظموا مستشفاكم» وعلى مقاعد الانتظار تعالى صوت امرأة شابة لم يتجاوز عمرها ال 30 عاما في وجه رجل الأمن في المستشفى، بعد أن طلب منها الذهاب إلى غرفة الانتظار الخاصة بالنساء، فرفضت بصوت عالٍ مطالبة بوضع لوحات على مقاعد الانتظار ترشد المراجعين إلى أن هذه مخصصة للنساء وتلك للرجال، وأضافت: «نظموا مستشفاكم من أجل راحة المرضى، لن اتحرك من هنا ما لم أطمئن على زوجي». طبيب واحد مقابل 50 مريضًا وعند باب العيادة رقم 10 كان هناك أكثر من خمسين مريضًا من رجال ونساء ينتظرون دورهم للكشف المبدئي عليهم، ولم يكن بالداخل سوى طبيب واحد مع ممرضة يستقبل جميع الحالات رجالا ونساءً، إضافة إلى طبيب آخر يستقبل الأطفال، وهو ما جعل الممرات تكتظ بالمرضى الذين ينتظرون دورهم. لن نستقبل أي حالة طارئة اتجهنا إلى المدير المناوب وهو طبيب مقيم، سألناه عن أسباب هذا الزحام فأجاب: «ربك يعين إن شاء الله سوف أطلب من الهلال الأحمر أن يوقف الحالات الطارئة فالمستشفى مكتظ جدا كما ترى، ولن نستقبل أي حالة طارئة، وعندما أخبره المحرر بأنه صحفي وليس مراجعا طلب منه عدم التصوير ومخاطبة مدير المستشفى بذلك في صباح اليوم التالي.