إن الناظر في أحوال المتعلمين اليوم يرى اختلافًا كبيرًا بينهم وبين متقدميهم ممّن سبق في التعليم، وربما رأينا طالبًا في المرحلة المتوسطة، بل والثانوية لا يجيد قراءة القرآن الكريم، أو قراءة كتاب في اللغة والأدب.. (فما سبب ذلك؟) لا شك أن المواهب التي وهبها الله للإنسان باختلاف القدرات وحدة الذكاء تختلف من شخص لآخر، ووجود المعلم الكفؤ الذي يستطيع إيصال المعلومة لطلابه بأبسط صورة وبأقل جهد له تأثير كبير، بقي علينا أن ننظر في المنهج. فهل هذا المنهج مثلاً موافق لطلاب الصف الأول الابتدائي الذين يتعلّمون أساسيات الكتابة والقراءة؟ إن حشو المعلومات لهذا الطالب المسكين الذي خرج من بيته لتوه وتنوعها وكبر حجمها له تأثير كبير في استيعابه، ولو كان لي من الأمر شيء لاقتصرت منهج الصف الأول الابتدائي على القرآن الكريم والقراءة فقط أو الفصل الأول من السنة الأولى حتى يستقيم لسانه ويتضح بيانه. يقول ابن خلدون في مقدمته: (اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكون مقيدًا إذا كان على التدريج شيئًا فشيئًا وقليلاً قليلاً يراعي في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي إلى آخر الفن) ويقول أيضًا: (ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم أن لا يخلط على المتعلم علمان معًا، فإنه حينئذٍ قل أن يظفر بواحد منهما لما فيه من تقسيم البال وانصرافه عن كل واحد منها إلى تفهم الآخر) فيستغلقان معًا، ويستصعبان ويعود منهما بالخيبة، وإذا تفرغ الفكر لتعلم ما هو بسبيله مقتصرًا عليه فربما كان ذلك أجدر بتحصيله، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب. كنت في زيارة لمدرسة من مدارس المدينة النبوية على ساكنها افضل الصلاة والسلام، ابتكر المعلمون فيها طريقة للرقي بمستوى الطلاب الضعفاء في درس القرآن الكريم، حيث أنشأوا فصلاً تدرس فيه القاعدة البغدادية فقط، فكل من ضعفت قدرته على القراءة جيء به إلى الفصل، ولقد شاهدت طلابًا كانوا لا يحسنون القراءة، قد اصبحوا أفضل من قرنائهم بعد ذلك. فهل نطالب كل مدرسة بإنشاء مثل هذا الفصل؟ أم هناك حل آخر.؟! عبدالله مصري البلادي - المدينة المنورة