في رسالة بعث بها المفكر الدكتور عبدالله الغذامي للأستاذ تركي السديري، طالبه فيها بعدم ظلم نفسه وظلم التاريخ معه بعدم تدوينه لتجربته الصحفية، لكن تركي (الزاهد والمتواضع) يرى - كما كتب مرة - بأن هناك رجالاً أحق منه في كتابة تجاربهم الثرية، قاموا بما هو إعجاز نادر في قفزة المواطن الفقير إلى واقع الثروة والجاه بفعل الطموح. مقللاً من تجربته وطموحه الذي قاده إلى الوصول إلى قيادة دقة (أفضل صحيفة عربية) بشهادة ملتقى الإعلاميين الشباب. حتى هذا الفوز جيَره أبو عبد الله لأعضاء المؤسسة وزملاء العمل من الصحفيين والإداريين، معتبراً أنهم كانوا خلف تفوق الصحيفة وأولويتها العربية، نافياً دوره لقصة هذا النجاح. ورد هذا في مقاله (لقاء) السبت الماضي. ولقد اعترضت على (ظلمه نفسه) في رسالة هاتفية بعثتها إليه، وسعدت بمكالمته لي يوم الاثنين الماضي التي أوضح لي فيها رؤيته المتمثلة في أن «الامتيازات الخلاقة لا تغتصب ولا تأتي بالتوريث ولكنها تتوفر في جريدة الرياض بجزالة مستوى الأداء وكفاءة القدرات» طبقاً لما جاء في مقاله ذلك. كانت «الرياض الصحيفة» ولازالت لبعض من يمتهنون الصحافة ملاذاً من جور بعض المؤسسات الصحفية ومحطة «ترانزيت» للبعض الآخر، تستقبلهم بكل ترحاب ، وتفتح لهم صفحاتها إلى أن تصفوا أجواءهم مع صحفهم، وكنت من بين أولئك الذين استجاروا بالرياض لمرتين خلال مشواري الصحافي، ورأيت كيف يدير هذا الرجل الصحيفة، ويوجه تلك الطاقات إلى مصادر الأخبار والتحقيقات، ويمنح الحوافز للمتميزين منهم، ليس هذا فقط، بل ويتابع موفديه للخارج ويسهل عليهم مهامهم. كبرت «الرياض» وتوسعت، وكبر معها مستوى الدارسين في مدرسة «تركي» وأصبحوا يشاركونه في دفع عجلة التطور والرقي لهذه الصحيفة التي باتت تتوسد قلوب قراءها الكثر وتحصد الجوائز تلو الجوائز. أوكل لي مرة القيام بالسفر للنمسا لإجراء حديث مع المستشار النمساوي (برونو كرايسكي).. كان ذلك في منتصف الثمانينات وقبل ظهور الفاكس، وكان عليَ أن أتْبع هذا اللقاء بلقاء آخر مع رئيس شركة «شتاير» للدبابات، وحينما أنهيت مهمتي، بعث لي أحد أفراد السفارة السعودية لاستلام الرسالة الصحفية، والذي قام بدوره ببعثها مع أحد المسافرين إلى جدة، فبعث «أبوعبدالله» أحد معاونيه إلى جدة لاستقبال المسافر واستلام الرسالة والعودة بها إلى الرياض في نفس اليوم، فهل أدركتم السر الذي يكمن خلف نجاح هذه الصحيفة؟!. إذن أن تكون الرياض أفضل صحيفة عربية لعام 2010م ليس حدثاً غريباً، وهي التي سبق لها أن فازت «بجائزة الإبداع الإعلامي العربي» في الملتقى الإعلامي العربي الخامس الذي استضافته الكويت وليس مفاجئاً لصحيفة تقيم حفلا سنوياً لتكريم المتميزين في المجال الصحافي للصحيفة نفسها. يرى البعض وأنا منهم بأن مرد هذا النجاح هو للاستقرار الإداري التحريري، فهناك قناعة لدى أعضاء الجمعية العمومية ومجلس الإدارة بكفاءة هذا الرجل وحسن إدارته، ومن هنا يأتي الحكم على أن هذا الاستقرار هو الذي أوصل الرياض إلى ما وصلت إليه. مبروك للرياض ولأسرة تحريرها هذا الفوز المستحق.