على خلفية البواعث النفسية لاختطاف الطفل أنس المزيني نشرت جريدة الرياض إعلان مركز صحي متخصص لعلاج العقم تعاطفه مع الخاطفة واستعداده التام لعلاجها المجاني بعد انقضاء محكوميتها وخروجها من السجن ، و على إنسانية هذا الخبر في وهلته الأولى إلا أنها إنسانية محدودة لاقتصارها على مركز واحد و مريضة واحدة من آلاف الحالات المشابهة ، و متأخرة لأنها لم تأت إلا بعد استفحال الوضع النفسي للمريضة و تحوله إلى سلوك إجرامي وهو وضع قد يتكرر مع حالات كثيرة تعاني من نفس المشكلة ، و قصير النظر لأنه يشجع المعتدين على تعليق الجرائم على ( شماعات) الدوافع النفسية و المآسي الإنسانية في حين لا ينبغي أن يقبل المجتمع أي مبرر للجريمة واعتبار تسويغها جريمة بذاته ! إن حالة خاطفة أنس ليست بالحالة الفريدة في المجتمع فثمة حالات أقسى و أوضاع أكثر بؤسا فهل نكافئ الخاطف بهذه المنحة في حين نعاقب من تغلب وازعه الديني على نزعاته الإجرامية بالتهميش والشروط والتبعات و الضرائب ؟! وليست مشكلة العقم المأساة الإنسانية الوحيدة التي تستحق التعاطف الوقائي الواعي الذي يضع الحلول قبل اندلاع الجرائم المختلفة في المجتمع . فسارقو الجوالات و الغاز و المكيفات لو قدر لنا الاستماع لدوافعهم لبكينا معهم ، فهل سيتعاطف معهم تجارنا و يخصصون لهم مصروفا شهريا أو تموينا مخفضا ؟ و الذين سرقوا لأنهم بلا وظائف هل ستجدون من يتعاطف مع مآسيهم و يستحدث لهم وظائف شريفة ورزقا حلالا ؟! و الذين ( فحطوا ) وكسروا الممتلكات العامة لأنهم لم يقبلوا بالجامعات و يشعرون بإحباط شديد و سوداوية واكتئاب حاد يدفعهم للنقمة على المجتمع ، هل سيجدون من يتبرع لهم بأقساط الدراسة ؟ أو هل ستتنازل الجامعات عن نسبها المفروضة عليهم ، أو يفكر قياس بقياس مناهجهم و مدارسهم ومدرسيهم قبل قياسهم و الحكم عليهم بالرصيف المؤبد ؟! إن التعاطف الذي يعلن على خلفيات القضايا التي تسلط عليها الصحافة عنايتها تعاطف تختلط فيه الدوافع ، فإن كان ثمة تعاطف ليكن تعاطفنا الأول و الأسمى مع المجتمع و مع الوطن و لنأخذ بأسباب الوقاية من كل جريمة في كل مجال قبل أن ندفع جميعا ثمن الدوافع النفسية للمعتدين ! [email protected]