شهدت المملكة خلال الخمس السنوات الماضية جملة من التطورات والإصلاحات على الصعيد الاقتصادي أدت إلى تحسن بيئتها الاستثمارية لتكون هذه التطورات ترجمة عملية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وفق رؤية شاملة وضعتها المملكة في مطلع الألفية الجديدة لتحقيق مزيد من النمو والرخاء الاقتصادي. ونجم عن هذه الإصلاحات مواصلة المملكة تقدمها في مجال سهولة وتنافسية الأعمال إلى المرتبة الحادية عشرة عالميًا من بين 183 دولة حسب مؤشرات تقرير سهولة أداء الأعمال الذي صدر في شهر نوفمبر الماضي من قبل مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي. وفي تقرير بثته فيه وكالة الأنباء السعودية “واس”، رصدت فيه العوامل التي ساهمت في تقدم المملكة الى هذه المرتبة المتقدمة عالميًا. حيث تم إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار للتعامل مع عدد من الملفات من أهمها ملف إزالة المعوقات، التي تواجه البيئة الاستثمارية، وتهيئة المناخ الملائم لتنمية الاستثمارات المحلية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، والعمل على إدماج الاقتصاد السعودي في الاقتصاد العالمي، وتعزيز قدراته التنافسية من خلال إيجاد بيئة تنظيمية وتشريعيه متكاملة تفي بمتطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. ففي عام 2004م صدر توجيه المقام السامي بأن تقوم الهيئة العامة للاستثمار بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لإيجاد حلول وآليات عملية لتطوير بيئة الاستثمار بالمملكة والرفع إلى رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى بتقرير دوري عما يتم تحقيقه أولًا بأول في الوقت، الذي أبرمت فيه الهيئة أكثر من “17” اتفاقية حكومية عالجت أهم المعوقات التنظيمية والإجرائية، التي تم رصدها في ذلك الوقت لتطوير بيئة الاستثمار بالمملكة بشكل عام. وأدت توجيهات خادم الحرمين الشريفين باستمرار المملكة في المضي قدمًا في جهودها في مجال تحسين البيئة الاستثمارية والعمل على تحقيق هدف برنامج “10×10” وهو الوصول بالمملكة لمصاف أفضل عشر دول في العالم، من حيث تنافسية بيئة الاستثمار بنهاية عام 2010 م. ونتيجة لذلك تحققت قفزات متتالية في تصنيف المملكة في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، الذي كان يصنف المملكة ضمن قائمة أصعب الدول في العالم لبدء ممارسة النشاط الاستثماري، حيث تقدمت من المركز 67 عالميا بين 135 دولة في عام 2005م إلى المركز 38 في عام 2006م ثم المركز 23 في عام 2007م والمركز 16 في عام 2008م إلى المركز 13 في عام 2009م. * الإصلاح الاقتصادي وتقدمت المملكة إلى المركز 11 بين 183 دولة في نهاية العام 2010م الحالي ووضع التقرير المملكة ضمن قائمة أفضل خمس دول في العالم أجرت إصلاحات اقتصادية خلال خمس سنوات بعد أن تمكنت المملكة من إحداث عدة إصلاحات اقتصادية وتنظيمية سنويًا ساهمت في تحقيق المركز المتقدم في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال. كما تبوأت المركز الثامن عالميًا من حيث حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة التي شهدتها دول العالم في عام 2009م طبقًا لتقرير الأممالمتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”. ويصدر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال عن مؤسسة العمل الدولية التابعة للبنك الدولي وهو تقرير سنوي يقارن بين 183 دولة في العالم بوصفه تقريرًا دوليًا محايدًا يقيس تنافسية بيئة أداء الأعمال والاستثمار المحلي والأجنبي، ولإعداد تقرير ممارسة أنشطة الأعمال يتم جمع البيانات بطريقة موحدة من جميع الدول ويقوم سنويًا فريق إعداد التقرير بالتعاون مع مستشارين أكاديميين بمراجعة تصميم نموذج الاستقصاء بمشاركة أكثر من 5000 شخص من بين محامين، ورجال أعمال محليين، ومحاسبين في التقرير، حيث لا تكتفي هذه البيانات بتسليط الضوء على حجم العقبات التي تواجه ممارسة أنشطة الأعمال فحسب بل أنها تحدد أيضًا مصادرها وتشير إلى الإصلاحات الواجب اتخاذها. * شروط إجراء الدراسة هناك شروط للمنشآت التي تشملها الدراسة؛ يجب أن تكون شركة ذات مسؤولية محدودة وإذا كان هناك أكثر من شكل من الشركات ذات المسؤولية المحدودة في البلد المعني يتم اختيار أكثر الأشكال شيوعًا بين الشركات المحلية، وأن تكون مملوكة بالكامل 100% من مواطنين محليين، وأن تزاول أنشطة صناعية أو تجارية عامة، وأن يعمل لديها ما لا يقل عن 10 موظفين ولا يزيد على 50 موظفًا. ويرصد التقرير الذي أعدته “واس” بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار الإصلاحات التفصيلية ذات العلاقة المباشرة بمؤشرات ممارسة أنشطة الأعمال وهي: بدء النشاط التجاري؛ حيث تم خلال العام 2009 /2010م إجراء إصلاحات هامة في المملكة استهدفت تسهيل إجراءات بدء النشاط التجاري من خلال: تقليل الوقت المستغرق لتسجيل الشركة الوطنية ذات مسؤولية محدودة وتبسيط الشروط والمتطلبات اللازمة لذلك، تخفيض رسم نشر ملخص عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة ليصبح 500 ريال سعودي. وكانت رسوم نشر ملخص عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة تختلف باختلاف طول ملخص العقد المراد نشره، حيث كانت تبلغ تلك التكاليف في المتوسط 2250 ريالًا سعوديًا، أما الرسم الجديد فهو 500 ريال فقط،كما انخفضت التكلفة الإجمالية لبدء النشاط التجاري بنسبة 32% من 5500 ريال إلى 3800 ريال سعودي. * انعكاسات إيجابية وحول انعكاسات الإصلاحات الجديدة توضح البيانات التي تم الحصول عليها من المركز الموحد لتسجيل الشركات أن التغييرات والإصلاحات التي تمت كان لها انعكاسات إيجابية فورية فخلال الفترة من أول شهر مارس وحتى 14 أبريل قام المركز بتسجيل نحو 43 شركة محلية أسبوعيًا بتكلفة بلغت في المتوسط نحو 5800 ريال سعودي للشركة الواحدة وبعد 17 أبريل سجل المركز 71 شركة في المتوسط أسبوعيًا بتكلفة 3800 ريال سعودي للشركة الواحدة سجل متوسط وقت إنهاء الإجراءات لجميع الشركات 2.5 يومًا فيما تم تسجيل أكثر من 90% من عدد الشركات في أقل من ثلاثة أيام. وأصبح تنفيذ الإصلاحات ممكنًا عندما تم إنشاء المركز الموحد لتسجيل الشركات المحلية ففي نهاية عام 2009م تم افتتاح المركز ليقوم أصحاب المشروعات الجديدة بتسجيل شركاتهم ذات المسؤولية المحدودة. ويقوم المركز حاليًا بمراجعة ملخصات لعقود تأسيس الشركات تمهيدًا لنشرها في الجريدة الرسمية. وتتم متابعة سير العمل وتطوير المركز الموحد من خلال تقارير ربع سنوية تكون أداة أساسية لقياس وتقييم مستوى الأداء في المركز والعمل على تطويره بالتنسيق والتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار ووزارة التجارة والصناعة والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة. وبعد إنشاء المركز الجديد الذي يقدم خدماته للمنشآت العاملة في نشاط البناء والتشييد تقلصت إجراءات استخراج تراخيص البناء من 17 إجراء إلى خمسة إجراءات فقط، كما تقلص الوقت المحدد لإنهاء هذه الإجراءات من 94 يومًا إلى 60 يومًا. * لجنة الصلح الودي وفيما يتعلق بتصفية النشاط التجاري، فقد تم إجراء إصلاحات تتعلق بلجنة الصلح الودي الواقي من الإفلاس حيث أجرت وزارة التجارة والصناعة تعديلات هامة على اللائحة التنفيذية لنظام التسوية الواقية من الإفلاس والخاصة بأعمال لجنة الصلح الودي بغرض تشجيع الشركات وأصحاب الأعمال والدائنين على المشاركة في إجراءات التسوية خارج قاعات المحاكم. ونتيجة لذلك ستنخفض تكلفة ووقت تسوية الأمور المتعلقة بالإفلاس والتصفية إلى 120 يومًا بنسبة 4% من قيمة الديون المستحقة. وتم تعديل اللائحة التنفيذية لنظام التسوية الواقية من الإفلاس، وقد اشتملت التعديلات على أحكام تتعلق ب: ·توفير وسيلة سهلة لتسوية حالات الإفلاس عن طريق تبسيط مجموعة المستندات والوثائق التي ينبغي أن تقدم إلى اللجنة عند اللجوء لطلب خدماتها لأول مرة، السماح للدائنين الذين يمتلكون ثلثي حق الدين بإلزام الأقلية المتبقية من الدائنين، زيادة الأموال المتاحة للاسترداد من جانب الدائنين من خلال خفض رسوم التسوية بحيث لا تزيد على 4% كحد أقصى وتم تقدير متوسط التكلفة ب 20% من قيمة الديون المستحقة”. وبشأن انعكاسات الإصلاحات التي أُدخلت على اللائحة التنفيذية لنظام الرهن التجاري على ترتيب المملكة في مؤشر قوة الحقوق القانونية فقد توفر لتعديلات اللائحة التنفيذية لنظام الرهن التجاري مزايا للمنشآت التجارية المحلية والدائنين من خلال عدد من الإصلاحات. وحول دفع الضرائب فقد أصبح الآن من الممكن سداد مستحقات الزكاة والتأمينات الاجتماعية إلكترونيًا من خلال نظام «سداد» الذي يسمح بإجراء هذه العمليات عن طريق أي صراف آلي أو أي منفذ من المنافذ الإلكترونية الخاصة بالبنوك بما يكفل سرعة السداد الآلي لهذه المستحقات. * إجراءات التخليص الجمركي وحول التجارة عبر الحدود استطاعت المملكة تطوير وتسريع إجراءات التخليص الجمركي من خلال إنشاء مراكز الخدمة الشاملة في الموانئ ووضع أنظمة إلكترونية لتقديم إقرارات ونماذج الفسح الجمركي، إضافة إلى تحسين وتطوير تجهيزات البنية التحتية الأساسية بالموانئ وساعدت هذه الإصلاحات في تقليص الوقت المستغرق لتصدير السلع والبضائع من 11 يومًا إلى 7 أيام وفي الاستيراد من 12 يومًا إلى 8 أيام في المتوسط. كما ساعد إيجاد خدمة “الشباك الواحد” في تحسين إجراءات التخليص الجمركي وتقليل الوقت المستغرق في إنهائها. وقد تم إجراء تحليل لعينة عشوائية لمستندات تخليص جمركي تبين منه تحسن الإجراءات ومساهمة أعمال التطوير والتحسين في تحسين خدمات وتجهيزات البنية التحتية الأساسية في ميناء جدة الإسلامي على تقليص وقت الانتظار ومناولة البضائع، فيما أدى إنشاء محطة الحاويات الجديدة في الميناء إلى زيادة الطاقة الاستيعابية الإجمالية للميناء بنسبة 45%. وبشأن نظام إدارة القضايا الكترونيا «المحكمة الإلكترونية» كان تطبيق نظام المحكمة الإلكترونية من أهم العوامل التي أسهمت في تقليص حجم الوقت والإجراءات الخاصة بالتقاضي فيما أسهم النظام في زيادة فعالية الأداء وتحسين نوعية الخدمة في ديوان المظالم في الدائرة التجارية الخامسة، كما ساهمت اللغة المشتركة بين الهيئة العامة للاستثمار والجهات المعنية بتطوير بيئة الاستثمار في مزيد من التفاعل والتناغم في الأداء بين الأجهزة الحكومية لتحسين أنظمتها وإجراءاتها لتتوافق مع أفضل الممارسات والتطبيقات العالمية.