الكل يعلم أن وزارة التربية والتعليم قد أولت الطلاب والطالبات الموهوبين والموهوبات جل اهتماماتها منذ الصفوف الأولى قي القسم الابتدائي، حتّى التخرّج في الثانوي، وذلك بتخصيص إدارة خاصة بهم ترعاهم، وتضع الجداول المناسبة لهم بين الحصص؛ ليستطيع كل طالب وطالبة أن يمارس هوايته بكل راحة، دون أن يؤثر هذا الشيء على مواظبته، وتأتي تنمية مواهبهم لمصلحتهم في المستقبل حتّى برز منهم عدد من المخترعين والمهرة في شتّى أنواع العلوم والفنون، ممّا جعل البعض منهم يتفوّق على زملائه في القاعة، بالرغم من أن حضوره يقل عن حضورهم كثيرًا؛ بسبب التزامه بمواعيد خاصة بالتدريب العملي، الذي يحتاج الكثير من التركيز الذهني التام. ولقد تعددت المواهب والقدرات بين الطلاب، حيث برز عدد منهم في تخصص الفيزياء، وعدد آخر في الكيمياء، ومثلهم في الرياضيات وغيرها من فنون المعرفة المختلفة، والتي جعلت التنافس بين هؤلاء يبدأ على مستوى المناطق في المملكة، ثم يتم سنويًّا اختيار نخبة منهم لتمثيل الوطن الغالي عربيًّا، ثم يتطور ذلك إلى العالمية من أجل تمثيل الوطن عالميًّا، وهو ما يسمّى الأولمبياد العالمية، مثله مثل كرة القدم، والطائرة، والسلة، واليد، وغيرها، وهذا شيء جميل جدًّا، ومبهج، ويجعل من أبنائنا محط أنظار العالم، بل إن وزارة التربية والتعليم أولت هذا الجانب عناية كبيرة، حتّى ذكر لي أحد أولياء الأمور أن ابنه مثّل المملكة في سنة مضت في دولة فيتنام في تخصص الفيزياء ضمن الأولمبياد الدولي، فكانت تكاليف التذكرة له ذهابًا وإيابًا مع الإقامة فقط أكثر من خمسين ألف ريال، وهذا شيء رائع بالرغم من عدم تحقيقه مركزًا مرموقًا؛ إلاّ أن ذلك بحد ذاته يعتبر اهتمامًا بالغًا من قِبل المعنيين بالأمر تُشكر عليه وزارة التربية والتعليم. كل ما سبق لا غبار عليه، وشيء جميل يجب علينا أن نشكر مقام وزارة التربية والتعليم لتخصيص جزء من جهودها من أجل التفوق والنبوغ والموهبة، بالرغم من أن مَن يمثّلنا غالبًا لا يحقق مركزًا جيدًا ممّا نرجوه منه ونأمل. وقد يكون السبب ممّن تم تكليفهم بهذا الأمر والإشراف عليهم، بل واعتباره روتينًا سنويًّا لا يتم تطويره، خصوصًا إذا كانوا لا يقدرون الموهبة حق التقدير، بل ويعتبرون تمثيلنا مجرد فسحة خارجية، وهنا أتمنى أن يلقى هذا الجانب العناية والتدقيق والتمحيص حتى نجد الرجل المناسب في المكان المناسب. أمّا الأمر الأخطر والمهم، والذي من أجله كتبت هذه الأسطر فهو مصير هؤلاء الطلاب بعد التخرّج من الثانوية، ودخول الجامعة، خصوصًا وأن الكل يعلم بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنشاء مؤسسة باسم (مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»)، وهذه المؤسسة يقوم عليها رجال أكفاء تم اختيارهم بعناية فائقة، ومن عدة جهات، بل وتم توفير كافة الإمكانات لهم سواء مادية، أو بشرية، لكننا في الواقع لا نراهم إلاّ في أحاديث نظرية عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، يقولون إننا قمنا بكذا، وقمنا بكذا، في الوقت الذي يصلني أنا وغيري عدد من الموهوبين والمخترعين عبر التواصل المباشر، والزيارة لنا، وشرح كل ما يملكه من موهبة وإبداع واختراع عبر عرض مرئي وموثق -وبالمناسبة كان آخرهم قد زارني في مكتبي الأسبوع الماضي- وكلهم يجمعون على أن بعض المسؤولين عن الموهبة والإبداع لم يقدموا لهم حقوقهم المشروعة نهائيًّا، بل إن ولي أمر الطالب المتفوق في الفيزياء والذي مثلنا في أولمبياد فيتنام يقول بحرقة: إن ذلك قد تم قبل سنتين، ثم دخل ابني للجامعة، وغاص في زحامها، بل ضاع بفعل الزمن، ولم يسأل عنه سوى الشركات التي هي فعلاً تدير أعمالها بمهنية وحرفية وروعة لا مثيل لها. والسؤال الذي أكتب من أجل أن أطرحه هو: أين مسؤولو مؤسسة موهبة عن هؤلاء؟ وهل دورهم ينتهي عند دخول الطالب الجامعة؟ ثم أسألهم: لماذا أنشئت المؤسسة؟! أسعد الله أوقاتكم..