هذا العنوان ليس لافتة استفزازية، ولا إعلانًا دعائيًّا جاذبًا، إنه رقم إحصائي دقيق لإحدى الدول الخليجية في أحد الأعوام القريبة السابقة، وهذا العام تزامن مع كارثة انهيار الأسهم الأخيرة.. قُدّمت هذه المعلومة ضمن برنامج الإعلامي الرائع عبدالله إسماعيل في قناة نور دبي، وقد أوردها الأستاذ موسى المحامي، وذكر بأنّ عدد حالات الزواج في هذا العام المذكور كانت 21000 حالة، وحالات الطلاق 21000، بمعنى أمام كل حالة زواج حالة طلاق في نفس العام، وكما ذكر المحامي موسى وغيره من المصادر بأنّ الأعوام الأخرى التي تلت هذا العام كانت إحصائياتها كبيرة ومقلقة للغاية، نعم لم تصل لنسبة المطابقة التامة، بحكم أنّ كارثة الأسهم قد رفعت هذه النسبة لكنّها بقيت في قمة الكوارث الاجتماعية، والدافع الاقتصادي مؤشّر خطير على دور الانهيار، أو الضيق الاقتصادي على تلاحم الأسرة الخليجية؛ ممّا يعطينا مؤشّرًا مهمًّا للمسؤولية المزدوجة لحكومات المنطقة، سواءً في تقصيرها في تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسرة، أو في دورها في معالجة الكوارث الاقتصادية الجماعية التي تتشكل من دورات انهيار الأسهم، واجتياح فواتير الخدمات، والضرائب للدخل الأسري، أو دورات الارتفاع المسعور في الأسعار، وفقدان العملة الوطنية لقوتها الشرائية دون تعويض، وبالتالي فإن ما يفترض أن تقوم به المؤسسات الرسمية يساعد في المساهمة في استقرار الأسرة الاجتماعية. لكن تسونامي الطلاق المروّع لا يقف عند هذا السبب، بل هناك أسباب أخرى يتصدر الوعي الاجتماعي التربوي قائمة أسبابها، خاصة مع ازدياد تأثير تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وإقصائها للمتطلبات الرئيسة في العلاقات الحوارية والودية، والتواصل الاجتماعي داخل ذات الأسرة الصغيرة، ولذلك فإننا نشهد حركة تحوّل كبيرة للمجتمع نحو مؤسسات الإصلاح الأسري، مع أنّ الكثير من هذه الإشكالات بالإمكان حلّها تربويًّا داخل المؤسسة الأسرية، دون اللجوء للمستشار الاجتماعي، وهذا ليس تقليلاً من الدور المركزي المهم للغاية التي تضطلع به ثقافة الإصلاح التربوي ومؤسساته، لكن الخطأ هو تمكّن فكرة العجز عن معالجة الإشكالات الاجتماعية المتعلّقة بعلاقة الزوجين، أو بهما مع أبنائهما، ونقصد حالة الأزمات والمشكلات المعتادة، وليس حالات الاعتداء العنفي، فهذا له مبرر مهم للجوء إلى مصادر اجتماعية أو مؤسسية خارج الأسرة الصغيرة. إذًا ما نقصده من فقدان الأسرة لقدرات المعالجة الذاتية، وتكريس هذه الفكرة الخاطئة بأن حل أيٍّ من هذه المشكلات يحتاج إلى مستشار اجتماعي متخصص، فتترك حتى تكبر، أو يعتمد في علاجها فقط على النصائح الاستشارية، ونشر ثقافة العجز الإصلاحي في البيئة الاجتماعية، هذه حالة خاطئة، وثقافة تحتاج إلى اهتمام كبير لتصحيح هذه المفاهيم، وتدعيم فكرة القدرات الذاتية للأسرة، وتشجيعها في تحصيل قدرات المعالجة الحوارية، واتخاذ قرارات الإصلاح بكل ثقة داخل المؤسسة الصغيرة، وليس هناك مانع من اللجوء إلى شخصية استشارية من ذوي الرأي والسلوك القيمي والأخلاقي الراقي، قد تكون قريبة من البيئة الاجتماعية، وليس بالضرورة التوجه إلى مؤسسة استشارية، فيما تبقى تلك المؤسسات لمعالجة الأزمات الأكثر تعقيدًا، المهم أن لا تفقد الأسرة ثقتها بقدراتها الذاتية، وأن تسعى بأفرادها وخاصة الزوجين والأبناء الكبار إلى التواصل الفكري، والتحصيل المعرفي مع وسائل تجاوز العقبات والمشكلات الاجتماعية والتربوية.. وهذا بحد ذاته مساعد مهم للحفاظ على العلاقة الزوجية، وتخفيض مسببات الطلاق، وهو ما سنتحدث عنه في المقال المقبل بإذن الله. [email protected]