يرى محللون ان صورة حزب الله، قد تهتز في حال وجهت اليه اصابع الاتهام في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وتقول امل سعد غريب من المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات - معهد الدوحة "سواء اتهمت المحكمة الدولية (المكلفة النظر بالجريمة) عنصرا واحد من حزب الله او مئة، الامر سيان بالنسبة الى حزب الله: لن يقبل بذلك بتاتا"، وتضيف ان مثل هذا القرار الظني المنتظر "سيشوه صورته، لا بل قد يسيء حتى الى هويته". ويعتبر حزب الله رأس الحربة في انسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان العام 2000 بعد 22 عاما من الاحتلال، بفضل العمليات العسكرية المكثفة التي قام بها ضد هذه القوات وضد جيش لبنان الجنوبي، الميليشيا المتعاونة معها. وفي صيف 2006، تمكن من الصمود في مواجهة الجيش الاسرائيلي في حرب استمرت 33 يوما وخلفت دمارا هائلا في لبنان و1200 قتيل، لكن اسرائيل لم تتمكن خلالها من تحقيق هدفها المعلن وهو القضاء على حزب الله. وتخطت شعبية حزب الله نتيجة هذه الانجازات وموقفه الممانع ضد اسرائيل، لبنان الى بعض الدول العربية والاسلامية. ويرى وضاح شرارة، صاحب كتاب "دولة حزب الله: لبنان مجتمعا اسلاميا" (1988)، ان الحزب الشيعي "بنى صورته وسمعته من خلال المواجهات التي خاضها ضد العدوان الاسرائيلي. اما اليوم، فيواجه الحزب احتمال اتهامه بجريمة اغتيال"، ويقول ان الامر يبدو "وكانه عملية قلب للصورة". وتوضح غريب ان "المسألة تمس حزب الله في الصميم وفي علة وجوده القائمة على مفهومه الخاص بالعدالة ومواجهة الظلم". ومن المتوقع ان تعلن المحكمة الخاصة بلبنان خلال وقت قريب صدور القرار الظني في جريمة اغتيال الحريري الذي قتل مع 22 شخصا آخرين في عملية تفجير في بيروت في فبراير 2005. ونشرت وسائل اعلام اجنبية عديدة خلال الاشهر الاخيرة، بينها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية وصحيفة "واشنطن بوست" الامريكية ومجلة "در شبيغل" الالمانية وآخرها تلفزيون "سي بي سي" الكندي، تقارير مفادها ان التحقيق الدولي سيتهم حزب الله، القوة العسكرية اللبنانية الوحيدة الى جانب الدولة، بتنفيذ الجريمة. وحذر محللون وسياسيون من ان توجيه الاتهام الى حزب الله الشيعي بقتل زعيم سني، قد يثير اعمال عنف في لبنان شبيهة بتلك التي حدثت في أيار/ مايو 2008 بين انصار حزب الله وانصار رئيس الحكومة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، وقتل فيها حوالى مئة شخص. وهدد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله اخيرا ب "قطع اليد التي ستمتد" الى اي من عناصر حزبه لتوقيفهم في قضية اغتيال الحريري، ويؤكد الحزب ان القرار الظني "الجائر" سيكون مطابقا للتسريبات في وسائل الاعلام الغربية، مشككا بمصداقية المحكمة ومعتبرا انها "اداة امريكية واسرائيلية" لاستهدافه. ويقول شرارة "رسالتهم على الدوام هي: نحن اقوى الناس واشرف الناس، ونحن فوق اي شبهة. ووضعهم في دائرة الاشتباه سيعارض خطابهم هذا". ويرى دبلوماسي غربي في بيروت ان "اتهاما مماثلا سيوجه صفعة كبيرة الى حزب الله"، ويضيف ان "مجرد تسمية عناصر من الحزب (في القرار الظني) امر غير مقبول بالنسبة اليهم لان هذا الامر سيشكل صفحة سوداء في تاريخهم. (...) ومهما فعلوا، فسيظل اسمهم مرتبطا بهذه الجريمة". الا ان مسؤولي الحزب يؤكدون في تصريحاتهم العلنية انهم "غير خائفين" من القرار الاتهامي، وقال نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم في مقابلة نشرت الاربعاء ان "القرار الظني لن يؤدي في اي حال من الحالات الى اضعاف حزب الله، بل سيبقى الحزب في موقعه القوي المتماسك المستعد للاحتمالات كافة". وترى أمل سعد غريب ان "حزب الله ليس حزبا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل انه اشبه بهوية سياسية"، مضيفة "عندما يصبح الحزب هوية سياسية، يكون اتهام عنصر واحد بمثابة اتهام للجميع". وكان الامين العام لحزب الله اعلن رفضه "حلولا" مقترحة تدعو الحزب الى تصنيف المتهمين على انهم "عناصر غير منضبطة". ويرى المحللون ان التضامن في صفوف الحزب يفسر رفضه القطعي الاعتراف بتورط ولو عنصر واحد، أكان "غير منضبط" ام لا، ويقول شرارة "الحزب لا يميز بين الفرد والمجموعة. اذا تمت تسمية عنصر، فان هذا الامر سينال من كرامة الحزب ككل"، ويضيف ان الحزب ومن خلفه حليفتيه الاقليميتين سوريا وايران، يريدون ان تبقى صورة حزب الله "ناصعة وسليمة". وتخلص غريب «اذا اتهم الحزب، فسيبدو وكأنه مافي».