ينكب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على تشكيل حكومة جديدة قريبا في ظل ظروف صعبة نظرا للتحدي الذي يشكله تطبيق اتفاق تقاسم السلطات مع خصمه الأبرز الشيعي العلماني إياد علاوي الذي يتهمه بعدم الوفاء بتعهداته. وبعد ثمانية أشهر من الانتخابات، توصل العراق ليل الخميس إلى انتخاب رئيسين للبرلمان والجمهورية بفضل اتفاق لتقاسم السلطة أشاد به الرئيس الأمريكي باراك أوباما صباح أمس الجمعة. وانتخب النواب رئيسا لهم هو أسامة النجيفي وأعادوا انتخاب جلال طالباني رئيسا للجمهورية الذي سارع إلى التعهد بتكليف نوري المالكي المنتهية ولايته تشكيل الحكومة المقبلة، لكن أظهرت مقاطعة انتخاب طالباني من قبل حوالى ستين نائبا من القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أن تطبيق اتفاق تقاسم السلطات ما يزال بعيدا عن تحقيق الإجماع المطلوب. وقال النائب البارز عن التحالف الكردستاني محمود عثمان: “لقد بات واضحا منذ الليلة الماضية أن هناك العديد من نقاط الخلاف ما حدث يظهر إن الاتفاق لا يزال هشا”، وأضاف: “لا نعرف ما إذا كانت العراقية ستشارك في الحكومة، لكن إذا كان الخلاف يعني أنها لن تفعل فستكون هناك مشاكل”. لكن المفكر والنائب عن العراقية حسن العلوي قال: إن المنسحبين سيعودون إلى البرلمان وسيتم الالتزام بالاتفاق لأننا لن نتنازل عنه، وأضاف: “إن الزعيم الكردي مسعود بارزاني هو كفيل ضامن كونه وقع على الاتفاق ولن يقبل بالتراجع عنه”. واستبعد احتمال حدوث انشقاقات في العراقية بسبب عدم انسحاب جميع نوابها من الجلسة قائلا: “ليست هناك انشقاقات في العراقية إنما اجتهادات”، وتابع العلوي: “إن الانسحاب يجب أن يكون القرار الأخير وليس الخطوة الأولى كان يجب التهديد به لنيل الحقوق ومن ثم تنفيذه إذا لم نحصل عليها”. وختم معبرا عن اعتقاده بأن إخراج العراق من حالة اللّادولة إلى حالة الدولة عن طريق انتخاب رئيس للجمهورية هو أهم الحقوق على أن يليه حقوق أخرى تبقى ثانوية أمام حق الدولة. ومن المتوقع إجراء محادثات اليوم في البرلمان بين قادة الكتل. وينظر إلى مشاركة السنة في الحكومة باعتبارها عاملا حاسما لتحقيق الاستقرار في البلاد التي شهدت اشتباكات طائفية دامية عامي 2006 و 2007، وقد طالب علاوي الذي حل أولا في الانتخابات البرلمانية (91 مقعدا من أصل 325)، بمنصب رئاسة الوزراء قبل أن يوافق أخيرا على التخلي عنه إلى المالكي، أبرز خصومه السياسيين. وينص اتفاق تقاسم السلطات على استحداث المجلس الوطني للسياسات العليا مع سلطات تنفيذية. لكن العراقية طرحت أربعة شروط لقبولها الاتفاق الذي ينهي الأزمة وهي تشريع المجلس الوطني بقانون ومعالجة أوضاع المعتقلين والمحتجزين من قبل لجنة خاصة، والتوقيع النهائي على جميع الملفات، وإلغاء قرار اجتثاث ثلاثة من القائمة لصلاتهم المزعومة مع حزب البعث المنحل، وقال صالح المطلك، أحد قادة العراقية: “لن نعود إلى المجلس إلا بضمانات دولية”. وقد اتهم علاوي المالكي مرارا وتكرارا بالتفرد بالسلطة واحتكار القرارات المتعلقة بالأمن، وقد أطلقت الولاياتالمتحدة التي تحتفظ بخمسين ألف جندي في العراق فكرة المجلس الوطني للخروج من الطريق المسدود. وفي مؤتمر صحافي في سيؤول، أشاد أوباما باتفاق لتقاسم السلطات معتبرا إنه “خطوة مهمة” في تاريخ العراق. واستخدم وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ المصطلح ذاته، وقال ويليم هيغ أمس: إن اتفاق تقاسم السلطة المبرم في العراق بعد أشهر من المأزق يشكل “خطوة هامة إلى الأمام”، وأضاف: “أحض العراق بشكل عاجل على إكمال عملية تشكيل حكومة تمثل العراقيين كافة”.