قال الضمير المتكلم : أيها ( المسؤول ) نعم أنت ! نعم أقصدك أنت يا مَن تُشِيرُ إلى نفسك الآن ؛ خذ نفساً عميقاً ، اغلِق عينيك ، جَيّد في هذه اللحظات ارسم هذه الصورة لك ولأسرتك الكريمة : أنت فقير ، وراتبك الشهري المسكين لا يكفي للطعام ؛ ولذا اضطررت للسكن مع زوجتك وأطفالك ( ثلاثة من الأولاد ، ومثلهم من الإناث) في المدرسة التي تعمل حارساً لها منذ أربعة عشر عاماً ، في البداية كُنَت قابِعَاً في الغرفة الصغيرة بجوار البوابة ، ولكن زيادة الأولاد ، وكِبَر سنهم ، جعل أحد مديري المدرسة يتصدق عليك ، ويمنحك غرفة إضافية داخل فناء المدرسة !! وهؤلاء أولادك وبناتك يعبرون الطابور الصباحي للمدرسة في تنقلاتهم بين الغرفتين تلاحقهم نظرات الازدراء أو الشفقة من المدرسين والطلاب ، أما زوجتك الطيبة فعليها أن تبقى سجينة مع صغارها حتى ينتهي اليوم الدراسي ! وفي الإجازات تُفصَل عن غرفتيك المياه والكهرباء ، ( آه أنت تعاني الفقر والجوع أحياناً ، آه ثم آهٍ أنت تتألم عندما ترى ملامح الحزن والذلّ ترتسم على الملامح البريئة لأطفالك ؛ أنت تتوجع لأنك تعاني الكثير من الأمراض ؛ ولكن لا حيلة لك إلا أن تُرَدّد مَن صَنَع مأساتي ؟! أيها ( المسؤول ) مالي أراك تنتفض ، والدموع تَهْطل من عينيك ؟! ( بسم الله عليك ، افتح عينيك ) ، أنت في قَصرك الفاخر ، وأولادكم كل منهم يسكن في جناحه الخاص ، وغداً تُسافِر في رحلة استجمام إلى قصرك الكبير في بلاد ( الواق الواق ) ! أيها المسؤول ابتسم دون مبالاة ؛ فالصورة السابقة التي تخيلتها لم تقع في الماضي البعيد ، وليست في إحدى قُرى الصومال الفقيرة ، بل أحداثها تقع الآن ، في مملكة الخير والإنسانية ! الحكاية الحزينة السابقة حقيقة ؛ وأنت مَن صنعها أيها المسؤول ، ويكتوي بنارها صباح مساء مواطن مسكين في المدينةالمنورة ، وقد نَشَرت تفاصيلها بالكلمة والعَدَسَة صحيفة الاقتصادية الأسبوع الماضي!! هذه حكاية واحدة ، وغيرها حكايات ... ( لا تعليق ) ... فقد امتنعت الكلمات !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة فاكس : 048427595 [email protected]