مع نهاية تسعينيات القرن الماضي، دخل العالم إلى ألفية جديدة، تسارعت فيها وتيرة إنتاج أجهزة كمبيوتر أحدث بسرعات أعلى وطاقات استيعابية أكبر، وكأن العالم كان يستعد لثورة في مجال التقنية والحاسوب.والمتابع لتطور الحاسب في السنوات الأخيرة يجد أن كل هذا قد بدأ فقط في عام 1993م حينما أطلقت شركة انتل معالج بانتيوم برو والذي حل محل الأنواع الأقدم منه XT وAT مرورًا بالمعالج الشهير 486 من إصدار العام 1989م. وكان هذا بداية إطلاق سرعات جديدة وتنافس قوي بين شركات تصنيع الأجهزة بصفة عامة والمعالجات بصفة خاصة.وأثر ظهور نظام التشغيل ويندوز 3,1 في العام 1992م بشكل كبير في هذا التنافس، فبوجود نظام تشغيل يعتمد على إضافة الخطوط المميزة والرسوم الفنية العالية والإدارة الجديدة والجيدة لموارد النظام وتحسين العرض المرئي وتكامل أفضل مع الذاكرة واستخدام موسع لها فُتح الباب على مصراعيه للمنافسة، والتي لا تزال موجودة وعلى أشدها حتى وقتنا هذا.ولكن في الحقيقة كان هنالك سبب قوي للغاية وراء هذا الطلب المتزايد على أجهزة الكمبيوتر من قبل الأفراد؛ إنه الإنترنت، أو جني مصباح علاء الدين في صورته الرقمية، والذي يجلب لنا العالم كله بضغطة زر على اختلاف اهتماماتنا وميولنا ورغباتنا، من علوم وثقافة وأخبار وترفيه، من أقصى نقطة على وجهة الأرض إلى شاشة جهازنا.ظهر الإنترنت في البداية كنتيجة لمشروع أطلق في العام 1969م من قبل وزارة الدفاع الأمريكية سمي (أربانت) وهدف إلى مساعدة الجيش الأمريكي عبر شبكات الكمبيوتر، وكذلك إلى استغلال الجامعات ومراكز الأبحاث للقدرات الحاسوبية بشكل أمثل.ومنذ العام 1969م وحتى عام 1990م وهو العام الذي أغلق فيه ( أربانت ) – مرت هذه التجربة بالعديد من المراحل أدت إلى ظهور الإنترنت بما هي عليه الآن.فبعد برنامج غوفر Gopher عام 1991م والذي قدمته جامعة مينيسوتا الأمريكية وكان يعمل على استرجاع المعلومات من الأجهزة المرتبطة بالشبكة، بدأ الابحار عبر الشبكة العنكبوتية عام 1993م بعد توالي صدور برامج استعراض صفحات المواقع بداية ب(موزاييك) ومرورًا ب (نتسكيب) و(إكسبلورار) من مايكروسوفت.وقدر عدد الأجهزة المكونة لشبكة الإنترنت عام 1996م ب 5 ملايين جهاز فقط، وارتفع هذا العدد في عام 1997م إلى 3 أضعاف الرقم السابق فوصل إلى حدود 16 مليون جهاز مشترك، وفي عام 1998م قفز هذا الرقم مباشرة ليتخطى عدد الأجهزة المشاركة في الشبكة العالمية 50 مليون جهاز. ولم تكن هذه سوى البداية، حيث أصبح اليوم يستخدم الإنترنت ثلث سكان العالم أي ما يقارب 2 مليار مستخدم للإنترنت في هذا الكوكب.كل هذا جعل من المستخدم العادي للكمبيوتر مستهدفًا من الجميع بمجرد دخوله على الشبكة من الجهات الرسمية والتجارية والأفراد، فكل منهم قد أنشأ له موقعه الخاص ويقدم له الخدمات والمعلومات والعروض ووسائل التواصل.وبغض النظر عن نوعية هذه المواقع، فإنها هنا تعرض الملايين من الصفحات التي تحتوي على مليارات المعلومات والتي لا يمكن لأي مستخدم أن يحصيها ويلم بها جميعها، ولكنها تنتظره لحين حاجته إليها وبحثه عنها. لذا نرى أن تلك الألفية الثالثة بدأت بثورة كبيرة في عالم المعلومات، واستحقت أن تكون بحق ألفية المعلومات.