حسنًا فعل معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى عندما قال: (إن قضاة المملكة ليسوا ملائكة، بل يخطئون). وإذا ما تنازلنا وتجاوزنا عن إضافة معالي الوزير العيسى، حيث قرر -لا أدري استنادًا على أية معلومات أو وقائع- أن أخطاء القضاة قليلة جدًا (وغالبًا ما يظهر أنها نتيجة اجتهادات عن حسن نية)، فإن العبارة الأولى التي أقر فيها بوجود أخطاء للقضاة، لا يمكن تجاوزها، أو التعامل معها، وكأنها تقدم تفسيرًا مقنعًا وتبريرًا مقبولاً لمشكلة أو ظاهرة أخطاء القضاة. نعم.. القضاة ليسوا ملائكة يا معالي الوزير.. كلنا يعرف ذلك، وليس هناك عاقل واحد يدّعي غير ذلك.. لكن ألا توجد سبل أو آليات عمل تكفل الحد من أخطاء القضاة التي يمكن أن تحمي الظالم والجاني على حساب المظلوم والمجني عليه؟! الإقرار بأن القضاة ليسوا ملائكة لا يعد في حد ذاته إنجازًا يا معالي الوزير، كما أنه لا يمكن أن يرقى إلى مرتبة الاعتراف. ليس هناك نظام قضائي في العالم يدّعي بانتماء المشتغلين به إلى جنس الملائكة، وتصريحك يا معالي الوزير لا يتضمن جديدًا إذ إنه يدخل ضمن خانة إثبات ما ليس بحاجة إلى إثباته، نظرًا لعدم وجود حجة تقوم على نفيه أو حتى التشكيك فيه. وإذا كان هناك جديد ما تضمنه تصريحك يا معالي الوزير، فإنه يتعلق بإشارتك إلى الأخطاء (القليلة جدًا) التي يقع فيها بعض القضاة (نتيجة اجتهادات عن حسن نية)! لن أسرد لك يا معالي الوزير العديد من القضايا التي أخطأ فيها القضاة (نتيجة اجتهادات عن حسن نية)، ولن أذكرك بتداعيات تلك الأخطاء، وتسببها في إيقاع ضرر لا حدود له ببعض الأبرياء. هذه القضايا وغيرها الكثير، أنت بالقطع على علم بها أكثر مني. سؤال واحد فقط يا معالي الوزير أتحرُّق أن أسمع إجابته منك: إذا كان القضاة ليسوا ملائكة كما قلت، فلماذا لا يتم تقييم عملهم -خصوصًا أنه عمل خطير، وربما يكون الأخطر- وإخضاع أدائهم لمبدأ الثواب والعقاب، كما يحدث ذلك مع الآخرين؟!. إنه مجرد سؤال لا يرتقي إلى مرتبة الطلب يا معالي الوزير.