نظرية التمتين تخالف أو تمحو نظرية قديمة تقول (بأنه بالإمكان تدريب وتعليم كل إنسان ليصبح كفؤًا في أي شيء، وكل شيء تقريبًا)، كما تخالف نظرية تدريب الموظفين التي تتبنى التركيز على تقوية نقاط الضعف لديهم، وفي واقع الأمر عندما يبحث الفرد في ذاته يجد العديد من نقاط القوة التي يتميز بها، وكذلك نقاط الضعف، وعكس كل النظريات السابقة التي كانت تركز على محاولة علاج نقاط الضعف للوصول إلى الشخصية المتكاملة ظهرت نظرية التمتين التي تدعو إلى العكس وهي أن نستغل نقاط قوتنا ونعمل عليها لنزيدها قوة ونشحذ قدراتنا حتى تكون الأفضل في هذه النقاط. يقول (جاك هاندي): إذا كنت تظن أنه يمكنك تحويل نقطة الضعف إلى نقطة قوة فإنه يؤسفني أن أصارحك بأن هذه الفكرة هي نقطة ضعف بحد ذاتها. فمن الأخطاء الإدارية الشائعة التي زادت من الهدر في التنمية البشرية والاقتصادية وساهمت في البطالة محاولة تغيير سلوك وعادات الموظفين بعدما يلتحقون بالعمل والصحيح هو أن نمتن أي نعزز نقاط القوة فيهم. والحقيقة أننا لا نستطيع تغيير الكثير في الناس لأن الإنسان ينمو ولا يتغير، تنمو مواطن قوته وتنمو نقاط ضعفه أيضًا والسؤال الطبيعي هو: لماذا نركز دائمًا على العناصر الغائبة ونتجاهل العناصر الحاضرة؟! حتى في الدول المتقدمة يهتم 59% من الناس بعلاج نقاط ضعفهم ولا ينجح سوى 17% في توظيف مواهبهم ونقاط قوتهم وهم ما يسمون بأصحاب المواهب، ويجب علينا أن نعرف أن الجيد ليس عكس السيئ وأن النجاح عكسه لا يعني الفشل بالتأكيد وبالتالي فإن تقوية نقاط الضعف دومًا تتم على حساب مواطن القوة، حيث تصعد المهارات الضعيفة إلى مستوى متوسط وتهبط الملكات القوية إلى مستوى متوسط أيضًا بما يحولك إلى إنسان عادي فهل هذا هو ما تريده؟! ولكي نبسط الموضوع نفترض أن لديك موظفًا يجيد الأعمال المكتبية باحترافية وبذلت معه كل الجهود ووفرت له كل الإمكانيات ليكون موظفًا ميدانيًا وهو استجاب لكل هذه الجهود واستغل كل الإمكانيات المتاحة وتعلم العمل الميداني فستكون النتيجة النهائية أنه سوف يكون قادرًا على العمل الميداني بطريقة عادية لا إبداعية وكذلك سوف تقل مهاراته في الأعمال المكتبية التي كان يتميز بها وكذلك لو لك ابن يهوى الطيران فلا فائدة من أن تقحمه في عالم الإدارة أو تطلب منه أن يكون طبيبًا. فلا بد أن تعلم أن الإنسان يبلغ أعلى مستويات التمتين عندما يحقق مستوى ثابت من الأداء يقترب من حد الكمال في نشاط معين وليس معنى التمتين أن تتجاهل نقاط ضعفك بل المقصود أن تلتف حولها وتديرها كأن تفوضها أو تبحث عن متخصص ليؤديها عنك باختصار نمتن مواطن قوتنا وندير نقاط ضعفنا، وتذكر عزيزي القارئ مقولة أوليفر كرومويل: (من يتوقف عن أن يكون ممتازًا سيتوقف أيضًا أن يكون جيدًا). د. مجدي سليمان صفوت - جدة