حين نتكلم عن الغش التجاري فنحن نتكلم عن غش لا يمس اقتصاد البلد ويؤدي للخسائر فحسب وإنّما يطال حياة الناس والأفراد فهو خطر لا بد من سرعة مواجهته.. وتقول التقارير: إنه قد تم ضبط 2،5 مليون وحدة (سلعة) مغشوشة في البلد للعامين 2008، 2009 ثم ارتفع العدد ليصل إلى 7 ملايين وحدة حتى بلغ 8،5 مليون وحدة مغشوشة خلال النصف الأول من العام.. ذلك ما عرضته الندوة التي نظّمتها الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية.. كما اتضح فيها أن خسارة السعودية بسبب الغش التجاري قد تجاوزت 41 مليار ريال سعودي وكذلك خسائر بشرية تقدّر ب 3000 فرد بسبب قطع الغيار المقلّدة التي تدخل إلى المملكة عبر النقاط الجمركية في الوقت الذي وردت فيه الأخبار بأن 50% من شهادات المواصفات والمقاييس العالمية مزوّرة.. مما يعني أن نصف ما يصل بلادنا من سلع مدموغة بشعار المطابقة للمواصفات والمقاييس السعودية ليست مطابقة.. في الوقت الذي يؤكد فيه المرور بأنه قد تم رصد 4000 حادث خلال الخمس سنوات الماضية كان سببها انفجار إطارات السيارات.. كما يؤكد أن 70% من أفراد المجتمع لا يعرفون التفريق بين القطع المغشوشة والأصلية.. وإنها لمعلومات خطيرة تمس الاقتصاد والبشر ولا بد من حلول لمواجهتها أسوة بما تتعامل به دول العالم المتقدمة مع مثل هذه التجاوزات.. فالقوانين والأنظمة تشرّع لحماية الناس وممتلكاتهم وأموالهم ولا بد من تفعيل تطبيقها بإيجاد نظام أكثر تطورا في كشف المخالفات وطرق الغش التي استشرى أصحاب الضمائر الفاسدة من التجار في الأخذ بها جريا وراء الربح الكبير فأساءوا إلى أنفسهم والمجتمع والناس بعد أن أمنوا العقوبة!! ولعلكم تذكرون معي حادثة مصنع ألعاب الأطفال في شرق آسيا الذي طالته قوانين أمريكا في عقر دار بلاده ولم تعبأ بقانون دولي ولا حرمة بلاده لأن أداة الرقابة الواعية عندهم في أمريكا استطاعت اكتشاف دخول بعض المواد في تصنيع لعب الأطفال المستوردة من ذلك المصنع تسبّب ضررا على صحة الأطفال.. ومعهم الحق فالأمر ليس هيّنًا وأرواح الأطفال والناس عزيزة.. وعود على بدء.. فإن الإحصاءات التي وردت في صدر المقال تنذر بالخطر فظروف الناس وأحوالهم المتعثرة قد تضطرّهم إلى اختيار السلع الرخيصة.. وإذا لم تمنع مثل هذه الوحدات المغشوشة فإنها سوف تودي بحياة الناس.. إذ يسترعي انتباهنا التنامي والزيادة في تلك الوحدات إذ قفز من 2،5 إلى 8،5 مليون وحدة في 3 سنوات وهو مؤشر مؤسف وخطير.. فما الحلول؟ *إن جمعية حماية المستهلك ما تزال تنتظر المبادرات الفردية من الناس بإبلاغهم عن أي سلع أو وحدات أو غش.. غير أن الأمر أكبر من هذه الإجراءات والخيارات.. فأين نظام مكافحة الغش التجاري إذا كانت مادته الأولى تجيز إحالة موضوع الغش إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لإقامة الدعوى ومادته (13) تجيز تطبيق الغرامات التي لا تزيد عن 500 ألف أو السجن أو كليهما فإن الأمر يتطلب أدوات وآليات الضبط لهذه المخالفات والعقاب عليها.. *البداية تكون بإحكام نظام الرقابة الجمركية لمنع دخول السلع المغشوشة أصلا إلى البلد.. وإيجاد وسائل لاكتشاف التزوير في شهادات المطابقة للمواصفات ثم تطوير آليات وإجراءات ضبط المخالفات والوحدات المغشوشة.. ومازلت أرى عدم كفاية جهاز الرقابة في وزارة التجارة لأداء تلك المهام.. وقد كتبت عن ذلك غير مرّة فهو لم يواكب اتساع رقعة البلاد وانتشار الأسواق في كل شارع وطريق مما يجعل مهمته شاقة ولابد من دعمه بالإمكانات البشرية الأمينة والمادية وتوفير سيارات وأجهزة اتصال ووسائل رقابة تفعّل دوره المهم وتحقق أهدافه. * تطوير نظام الفحص الدوري ليشمل أنواع الإطارات وقطع الغيار المقلّدة لحماية الأرواح والخسائر المادية من جرّاء حوادث السيارات المتكررة.. * لا بد من الضرب بيد من حديد فالضبط إذا لم يتبعه تنفيذ وتطبيق للنظام لن يرتدع أحد فالتشهير دوما يطال الأفراد الضعفاء ويتجاوز النافذين أصحاب الأعمال الكبيرة.. فهل إلى ذلك من سبيل؟! نرجو ذلك لمصلحة الوطن والناس. دوحة الشعر: ربي إذا ضاقت فأنت المرتجى لك يا مغيث توسلي ودعائي