بينّ “عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية” د. عصام بن صالح العويد أن العطور الكحولية على نوعين فقال: “الأول: عطور ليست بمسكرة بنفسها لمن استنشقها، لكنها تحتوي على مادة الكحول الإيثيلي المسكر بنسبة كبيرة تتراوح بين 50% تزيد أو تقل بحسب نوع العطر، لكن هذه المادة استحالت عن طبيعتها المسكرة بعد التصنيع إلى مادة غير مسكرة كحال أغلب العطور الموجودة في الأسواق، فهذه على الراجح من أقوال أهل العلم أنها عين جديدة طاهرة، يجوز استعمالها كسائر الطاهرات. الثاني: عطور ما زالت مسكرة لمن استنشقها مثل أنواع من “الكلونيا” أو ما يسمى ب “كلونيا التوليت” ونحوها مما يُعرف بالتجربة أو الشهرة أنه مسكر عند الاستنشاق؛ فهذا له أحكام الخمر لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم “كل مسكر خمر وكل خمر حرام”، فلا يجوز بيعه وشراؤه ولا إهداؤه وقبوله ولا استعماله واتخاذه، وإنما الواجب إراقته على الفور كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام في حجره ورثوا خمرًا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أهرقها، قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: لا”. وأضاف فقال: “وهذه فائدة لطلبة العلم وهي: مسألة حكم الخمر بعد الاستحالة إذا كانت بفعل آدمي من المسائل القديمة المشهورة في كتب الفقه والحديث وفيها خلاف طويل، وهي تُعرف بمسألة الخمر إذا استحالت خلًا، فإذا استحالت بفعل الله من دون عمل آدمي فهي خلٌ حلال كما هو مذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف وهذا ظاهر، وإنما الإشكال إذا كانت بفعل آدمي، فالفعل حرام ولا شك لحديث أنس رضي الله عنه السابق، لكن هل هذا العين الجديدة باقية على حرمتها فتأخذ أحكام الخمر من دون اعتبار لهذا الفعل المحرم وما نشأ عنه؟ وأم أن هذه العين الجديدة عين طاهرة لأنها الآن خل لا خمر؟ فذهب إلى القول الأول أنها عين محرمة الإمام الشافعي وأحمد ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية واستدلوا بما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال “لا يؤكل خل من خمر أفسدت حتى يبدأ الله إفسادها فعند ذلك يطيب الخل، قال: ولا بأس على امرئ أن يبتاع خلًا وجده مع أهل الكتاب ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها بعدما عادت خمرًا”. وذهب مالك وأبو حنيفة إلى القول بأنها عين طاهرة، قال مالك: هي خل، وهذا القول لعله أظهر؛ لأنه الآن خل لا خمر، مع ما في القول الأول من المشقة البالغة لو قيل به خصوصًا في هذا العصر، أما ما جاء عن عمر رضي الله عنه فقد أشار ابن عبدالبر في التمهيد (1/263) أنه من باب سد الذرائع”.