• كنت أتوقع أن الجهات المختصة في جدة خرجت بدروس وعبر كثيرة من فاجعة سيول جدة التي اجتاحت أحياء وشوارع المحافظة العام الماضي، وراح ضحيتها أكثر من 132 غريقاً، وتلفت بأسبابها أكثر من 11 ألف مركبة، وعاشت أكثر من 12 ألف أسرة حالة من الرعب ومشاهد الموت، والخوف والمآسي والأمراض النفسية. • توقعت أن الأمانة والدفاع المدني والمجلس البلدي ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة تشكَّلت لديهم رؤية واضحة وحد أدنى لبرامج التنسيق.. توقعت أنها ستواصل استعداداتها وبحثها عن الحلول المناسبة؛ لضمان عدم تكرار الكارثة.. أنا أعلم أن هذه أمور مُقدَّرة وعلمها عند الله. لكن أعتقد أن هناك بديهيّات يجب أن نعمل بها لدرء الخطر والاستعداد لموسم الشتاء. بدلاً من موقف المُتفرِّج انتظارًا لرحمة وزارة المالية، حتى تُودع مبالغ المشاريع المقترحة لبناء السدود، وسفلتة الشوارع، والتي بالتأكيد ستحتاج إلى سنين. • من يتجوّل في الأحياء المنكوبة يلمس تدني مستوى الخدمات، وانعدام النظافة والسفلتة وانتشار الغبار.. وسيرى المياه الآسنة تغرق الشوارع والأحياء. إلى جانب استمرار إغلاق العبارات ومناهل السيول وهذه جميعها لا تحتاج إلى ميزانيات بقدر ما تحتاج إلى ضمائر حية تحمي المال العام وتفعل دور شركات الصيانة وعمال النظافة ومتابعتهم ميدانياً. • تخيّلوا أن مسؤولي الأمانة والدفاع المدني نسوا الكارثة ونسوا مواقع تلك الأحياء لولا ما نشرته “المدينة” خلال الأيام الثلاثة الماضية عن الوضع المزري مع اقتراب موسم الأمطار. تخيّلوا أن إدارة الدفاع المدني لا يوجد لديها حتى الآن خطط مُعلنة لتوعية الناس وطلاب المدارس؛ بما ينبغي عليهم أن يتخذوه لو هطلت الأمطار.! تخيّلوا أن بلدية أم السلم تحرّكت في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول وكثَّفت جهودها لتنظيف حي أم الخير بعد ما علموا بزيارة الأمين ظهر أمس.. بل نشط مراقبوها لتوزيع استمارات على سكان حي الصواعد ينذرونهم بأن منازلهم ومدارسهم في مجاري الأودية وعليهم إخلاؤها. • ماذا لو استجاب الأهالي؟ أين سيسكنون؟ وإلى أي المدارس سينقل أبناؤهم وبناتهم؟ وما هو دور كل جهة للتعامل مع هذه المتغيرات؟! * مدير تعليم البنات تفاجأ بوجود إنذار باللون الأحمر مكتوب بأسلوب غير حضاري من قبل موظفين في الأمانة على جدار مجموعة من المدارس يشعرهم بالإخلاء لأنهم في مجرى السيل؟! تخيّلوا حجم الرعب والهلع الذي حل بالطالبات والأهالي؟! أين لجان التنسيق والطوارئ؟! وأين العمليات المشتركة؟ وأين خطط الإخلاء والإيواء؟! لو حلَّت الكارثة؟! • في نظري أن ما يحدث نوع من الإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية واختلاق العلل والأعذار التي لم يعد يقبلها المواطن، كما أن وزارة المالية تؤاخذ على تأخيرها إيداع المبالغ حتى الآن طالما أنها أقرت واعتمدت من ولي الأمر حفظه الله. فهل نرى تحركات عملية لحماية الأرواح والممتلكات أم يُعيد التاريخ نفسه ويُؤكِّد الإهمال أنه سيّد الموقف وبطل الكوارث..؟!