كثيرون يتساءلون لماذا يعجز العرب عن توظيف إمكاناتهم المادية والمعنوية في تصحيح معادلة الصراع في المنطقة التي لا تزال كفتها تميل لصالح إسرائيل مما جعلها تفرض شروطها لتحقيق السلام وفق مفهومها الخاص الذي تتجاهل فيه قوانين وقرارات الشرعية الدولية ولا تضع في اعتبارها أي حقوق للفلسطينيين الذين تحتل أراضيهم وتنتهك حقوقهم الإنسانية دون أن يلوح في الأفق أي بادرة على إمكانية انتهاء هذا الاحتلال، وهو ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بقوله : «كل من يتحدث عن إمكانية تحقيق السلام فهو ساذج»، الأمر الذي يعني أنه حتى لو اعترفت السلطة الفلسطينية بيهودية إسرائيل، فإن كل ما سيتحقق لن يتعدى فترة تجميد أخرى للاستيطان وليس موافقة على إقامة دولة فلسطينية، لأن معادلة نتنياهو – ليبرمان الجديدة تنص على تجميد الاستيطان في مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، دون أي ذكر للدولة الفلسطينية. الولاياتالمتحدة وأوروبا لا تزالان حتى الآن عازفتين عن تسمية الأمور بمسمياتها عندما تمتنعان عن توصيف الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين بأنها إرهاب دولة وخروج عن إرادة المجتمع الدولي، ويكفي القول بهذا الصدد إن أكثرية رؤساء وزراء إسرائيل كانوا مطلوبين للعدالة أو مطلوبًا القبض عليهم مثل مناحيم بيجن سفاح مذبحة دير ياسين الذي كان مطلوبًا من قبل حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين، ومثل أريل شارون سفاح صبرا وشاتييلا وشيمون بيريز سفاح مذبحة قانا. عندما يخاطب ليبرمان وزيري خارجية فرنسا وإسبانيا بالقول : «عليكما إيجاد حلول لمشاكلكما في أوروبا قبل أن تحضرا إلينا بالشكاوى»، والقول «نحن في إسرائيل، على عكس أوروبا، لم نمنع الحجاب عن النساء المسلمات ولا البرقع ولم نمنع بناء مساجد أو مآذن للمساجد»، فإنه يكون اتبع نفس أسلوب التضليل الذي دأب على اتباعه كافة ساسة إسرائيل منذ قيامها عام 48، فصحيح أن إسرائيل لا تمنع الحجاب عن الفلسطينيات لكنها تقتلهن وتزج بهن في السجون حيث يتعرضن للتعذيب والاغتصاب، وتطلق النار على الأطفال وتدهسهم عمدًا على قارعة الطريق، وصحيح أنها لا تمنع بناء المساجد لكنها تنسفها وتحرقها ولا تكف عن انتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل وبيت لحم.