تحولت ندوة أقيمت بالقاهرة مؤخرًا لمناقشة مسلسل “الجماعة” الذي عُرض خلال شهر رمضان الماضي، إلى محاكمة سياسية لأحداث المسلسل، ومقارنتها بالأداء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، وظهرت تحليلات سياسية متناقضة بعد غياب العاملين في المسلسل، السيناريست وحيد حامد، وعدم دعوة مخرج العمل أو أي من أبطاله. وحاولت الندوة التى نظمتها مؤسسة “عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني” بالقاهرة قياس درجة تعبير المسلسل عن الحالة السياسية في مصر التي تمثّلها جماعة الإخوان. مسلسل الجدل قال الدكتور وحيد عبدالمجيد (مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية): يحسب للمسلسل أنه أثار الجدل حوله بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما قدمه من أحداث أو الخط السياسي الأساسي فيه. فالمسلسل عمل فني يتناول تاريخًا وليس عملًا تأريخيًا في قالب فني، والمؤلف من الطبيعي أن يقدم وجهة نظره بما فيها من انحياز، ولكن غير مقبول أن يُحدث تغييرًا أساسيًا في أحداث تاريخية أو أشخاص يخرج عن مقتضيات العمل ويؤثر في ذاكرة الأمة. وأعترف عبدالمجيد بوقوع المؤلف في أخطاء تاريخية خلال المسلسل، وقال: العمل به أخطاء وبالطبع ليست مقصودة ولكنها تعود إلى عدم الإلمام الكافي بالتاريخ. رسالة سياسية وحاول الدكتور جهاد عودة (أستاذ العلوم السياسية) أن يكون محايدًا في تناوله أحداث المسلسل ولم ينتقد أسلوب الإخوان المسلمين، وقال: ما حدث في المسلسل أنه قدم رسالة سياسية مباشرة ومقصودة، وفي هذا السياق تم هدر الكثير من التفاعلات السياسية وركز على أن يظهر حسن البنا مؤسس الجماعة على أنه الشخصية المتوحدة في المسلسل وهذا ما فرضه احتياج المؤلف لأنه يرسل رسالة في وقت ووسيلة معينة، فالمسلسل لم يعرض التاريخ المصري بشكل مباشر ولم يضع البنا في سياق تاريخي من خلال التفاعلات مع القوى السياسية الأخرى في هذه الفترة ولكننا رأينا صورة رمزية للبنا. رسالة معينة وقال الدكتور عمار علي حسن (رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط): وحيد حامد لم يكن موفقًا إلى حد كبير في كتابة المسلسل لأنها أول مرة يكتب مسلسل تاريخي ولم يرسم النسق الاجتماعي للأحداث، فقدم وجهة نظر سياسية عن الإخوان ولم يكن معنيًا بالحالة التاريخية، فأغفل فنية العمل وأكتفى بالمضمون وأنحدر ليصبح بيانًا سياسيًا، وكنت أشعر من الحوار خلال المسلسل أن هناك حوارات موجهة لإرسال رسالة معينة وأيديولوجيا أفسدت العمل الفني. وأضاف: في مسلسل “الجماعة” اختلط الفن بالسياسة ولم يجتهد المؤلف بما يكفي لكتابة المسودة الأولى للمسلسل. وأنتقد إصرار المسلسل على تصوير ما قام به بعض طلاب جامعة الأزهر قبل أربع سنوات من استعراض رياضي قتالي في الحرم الجامعي على أنه عرض عسكري لقوات الإخوان المسلمين، وقال: خلال الندوة: الإخوان المسلمين استغنوا عن العنف المادي منذ فترة بعيدة وإن كانوا مازالوا مستمرين في العنف اللفظي أحيانًا ولكن المسلسل حاول أن يؤكد أن العنف أحد الركائز الأساسية لفكر الإخوان من خلال تركيزه على العرض الذي قام به طلاب في الأزهر قبل فترة ليؤكد أن واقعة الأزهر نتيجة لخلاصة تاريخية مازالت موجودة وهذا غير صحيح. قلب الحقائق وعن الصورة الشخصية التى نقلها المسلسل عن حسن البنا (مؤسس الجماعة) قال الدكتور جمال نصار المتحدث الإعلامى السابق باسم الجماعة: الممثل إياد نصار الذي أدى دور حسن البنا نجح إلى حد ما في تجسيد الشخصية ولكنه في النصف الأول كان يبتسم دائمًا وهذه صفة نعرفها عن البنا ولكن في النصف الثاني من المسلسل لم يعد يبتسم وأعتقد أن ما أظهره وحيد حامد خلال المسلسل قلبًا للحقائق. ليس منصفًا وعارضه الدكتور نجاد البرعي (الناشط الحقوقي) قائلًا: المسلسل وضع شخصية للبنا لا يمكن أن يرسمها أفضل من ينتمى للإخوان، ووضعه في صورة شخص أشبة بالقديس، وحتى الأجزاء التى كان الممكن أن تحتمل النقاش مثل علاقته بالملك والإنجليز والخلاف مع الوفد، فالمسلسل عرض شخصية البنا وكأنه غسل يده من كل ما قام به التنظيم الخاص، وظلم التاريخ لصالح حسن البنا لأن لدينا ولع بالأشخاص ولم نقدمهم كما هم، وأعتقد أن الكاتب ليس منصفًا في هذا لأنه يكره الإخوان ولكنه معجب بشخصية حسن البنا. الجماعة ترد في محاولة للرد على المسلسل، أصدر الكاتب الإخواني عامر الشماخ كتابًا بتكليف من مكتب الإرشاد، حمل عنوان: “رد هادئ على مسلسل الجماعة وافتراءات وحيد حامد”. واحتوى الكتاب هجومًا عنيفًا ضد وحيد حامد، واتهمه بالكذب وأنه يرى الإخوان بنظارته السوداء، كما وصف المسلسل بأنه فاشل فنيًا وساقط دراميًا. وكشف الشماخ في الكتاب تفاصيل مكالمة تليفونية دارت بينه وبين أحد صنّاع المسلسل الذي لم يذكر اسمه، حيث قال: منذ سبعة أشهر أو ثمانية أتصل بي صديق يستشيرني في بعض الأمور المهنية وفي نهاية المكالمة قال لي.. استعدوا وحيد حامد ناوي يفضحكوا، قلت لصديقي: كان غيره أشطر، قال: لا كله إلا المرة دي.. واستطرد: أنا بالمناسبة أساعده في هذا العمل، قلت: وما الذى يجبرك على الاشتراك في عمل مثل هذا؟، قال: والله وجودي في صالحكم إننى أكبح جماحه كثيرًا. وأضاف: ظلت كلمات هذا الصديق ترن في أذني حتى شاهدت الحلقة الأولى من المسلسل فأدركت كم كان هذا الصديق ناصحًا أمينًا.. لقد هالني حجم مشاهد تشويه جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها وفزعت لجرأة هذا المؤلف على تزوير الحقائق التاريخية باختلاق الأحداث أو الانتقاص منها أو الزيادة عليها. واتهم الشماخ المسلسل بأنه يحتوي على مشاهد “مؤذية”، وأفرد الكاتب فصلًا كاملًا لتوضيح موقف الإخوان من بعض القضايا، كما خصّص فصلًا للمقالات التي نُشرت في الصحف لكتّاب من غير الإخوان وتضمنت هجومًا على المسلسل.