عتب علي نساء كثيرات عبر رسائلهن بالبريد الإلكتروني تعقيبا على مقالي السابق (ترويض الأزواج) إذ يرين أنني سلّطت الأضواء على النساء فقط الأمر الذي أسعد الرجال فصاروا يستشهدون بالمقال خاصة بعد أن استعرضه البرنامج الثاني بالإذاعة السعودية.. ويلومونهن على أسالبيهن وطباعهن. وغالبا ما أواجه بهذا العتاب من المرأة إذا ما تناولت موضوعها في حين أواجه بلوم الرجل إذا ما تعرضت لموضوعه. والأمر لا يحتاج إلى هذه الحساسية.. فالزواج شركة تقوم أركانها على طرفين لكل منهما دور ومسؤولية إما في نجاحها واستمرارها أو في توقفها وفض الشراكة لا قدر الله.. فهناك الكثير من الحقائق التي يؤدي فهمها إلى مزيد من النجاح فلسنا بصدد لوم شريك دون آخر فكلما استطاع الشريك في الزواج التعرف على طباع وأحوال وتكوين الطرف الآخر كانت الفرصة أكبر في تخطي الصعاب والنجاح في إدارة الاختلاف والحوار والمشاكل دون خلاف أو صراع وهذا ما ينبغي استرعاء الانتباه عليه.. فالحياة الزوجية أكثر سعادة واستقرارا وهدوءا بالتفهم والتفاهم وهي أكثر نكدا ومعاناة وعذابا يؤدي إلى الأمراض بالتنافر والخلاف المستمرين.. والرابط الرئيس في حل الاختلافات هو التحرر من ثقافة التفكير الموروثة.. التي تركز على بذل كل طرف للجهود ودعم الآراء والانتقادات لإظهار الطرف الآخر بمظهر السوء وإلقاء كل الشبهات عليه وهكذا يفعل الآخر في خلاف لا يؤدي إلا إلى مزيد من الصراع.. في الوقت الذي ينبغي أن يسعى فيه كل طرف إلى قبول الآخر والتعايش معه وقبول التقييم الذاتي الذي يوفر لنا ما يسمونه بالذكاء العاطفي(emotional intelligence) فيجعلنا نسعى لكسب الآخر وتحسين العلاقة معه إذا ما سمحنا له بمساحة حرية من كشف عيوبنا مقابل أن يسمح لنا بكشف عيوبه من منطلق التحسين والتطوير والتسامح والغفران وهو السبيل الناجح لتحقيق ما يسمونه بالتقويم الذاتي أو المعرفة وإدراك الذات (self- awareness) وبدون ذلك لن تستقيم الحياة ولن يتوقف الصراع.. وهذا هو التحدي الحقيقي في الحياة الزوجية وخلافاتها.. ولعل القارئات العزيزات لم يلاحظن أنني استخدمت في التعامل مع الرجال لفظ (ترويض) وكنت أعني الكلمة جيدا فالرجل شديد.. قوي.. عنيف قاس أحيانا ونحن في مجتمع ثقافته ذكورية.. وليس ثمة جدوى من التعامل مع ذلك بمثله وإلا غرقت السفينة فكان لا بد من الترويض..!! أما المرأة فقد لبست ثوب الدفاع عنها كثيرا.. وأقول للرجل في هذه المساحة المحدودة.. تستطيع أن تقسو على المرأة وتعاملها بفوقية وعنف فتطيعك قسرا وهي تلفظك من الداخل.. وتكره الجلوس إليك والحديث معك ناهيك عن الرضوخ لمطالبك الخاصة بعد يوم مليء بالنقد والتجريح والقسوة فجرب الأسلوب الآخر واكسب قلب زوجتك وحنانها فوالله هو أكسير حياة الرجل، فالمرأة إذا ما أحبت بإخلاص وصدق فإنها تعطي بلا حدود وتضحي بعمرها من أجل من تحب.. استوعب المرأة أيها الرجل عندما تغضب أو تبوح لأنها لابد أن تفرغ شحنات الغضب (التراكمات) ولا تقاطعها ولا تنتقدها ولا تسخر من حديثها ولا تتطوع باقتراح الحلول.. بل انصت جيدا وتفهّم وتعاطف وسوف تجدها ملاكا رقيقا تعتذر عن كل شيء.. جامل المرأة يا رجل كثيرا، شنّف أذنها بعبارات الإطراء والحب والدعم والإعجاب وسوف تفاجأ بردود أفعالها.. استوعبها في فترات الدورة الشهرية.. والمرض والتعب لأن فيها تغييرات بيولوجية تنعكس سلبا على تصرفاتها ونفسيتها.. اقترب منها في أوقات مختلفة ومرّر يدك على رأسها خاصة أثناء دورتها الشهرية لأن المرأة (ومعها حق) لديها القناعة بأن الرجل لا يريدها إلا لفراشه ولذلك تأخذ موقفا سلبيا منه فتكون أكثر حساسية أثناء الدورة إذا ما ابتعد عنها الزوج لأنه يعزز تلك القناعة.. جرّب المعاملة الرقيقة أيها الرجل كل وقت وسوف تجد رد فعل مختلف إن أردت منها شيئا.. وليس ثمة مجال لمزيد من المصارحة في هذا الجانب. دوحة الشعر: إني أريدك يا حياتي شمعة كيما تضيء مسالك الإظلام