لا يمكن لأحد أن يتوقع من إسرائيل غير ما وصفت به تقرير بعثة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان الصادر مؤخرًا بشأن مجزرتها التي استهدفت أسطول الحرية بأنه منحاز ، فهذه الدولة التي اعتادت على تجاهل كافة القوانين والقرارات الدولية التي تلزمها بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والكف عن انتهاك حقوق الفلسطينيين في تلك الأراضي، والتي لا تزال تمارس كافة أنواع الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني قتلاً واغتيالاً واعتقالاً وحصارًا وتهويدًا - هذه الدولة ما كانت لتتمادى في ارتكاب تلك الجرائم لولا غض المجتمع الدولي الطرف عن تلك الانتهاكات التي تجاوزت في مجزرة أسطول الحرية الفلسطينيين وامتدت لتشمل مدنيين أتراكًا كانوا على متن هذا الأسطول في طريقه لتقديم المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة المحاصرين، وحيث أنه من المعروف ضمنًا أن أولئك المدنيين الأتراك هم رعايا دولة محورية في الناتو يفترض أنها ليست عدوة لإسرائيل. استناد تقرير لجنة حقوق الإنسان على شهادات (100) شاهد جمعت شهاداتهم من جنيف واسطنبول ولندن وعمان وأجمعوا على أن ما قامت به القوات الإسرائيلية من اعتراض لأسطول الحرية المدني في عرض البحر والقتل المتعمد لمدنيين أبرياء يؤكد أنها جريمة بشعة بكل المقاييس ويدحض مزاعم إسرائيل حول التشكيك بنزاهة البعثة، وهو ما يذكر بتقرير “جولد ستون” الصادر في أعقاب حرب غزة التي أسفرت عن قتل 1300 فلسطيني وهدم آلاف البيوت والمدارس والمساجد والمستشفيات والمقار الحكومية عندما رأت إسرائيل في إدانة التقرير لها بأنه انحياز إلى جانب الفلسطينيين، ويذكر أيضًا بقرار محكمة العدل الدولية الصادر قبل ست سنوات الذي دعا إلى إزالة الجدار الفاصل وتعويض الفلسطينيين المتضررين من بنائه عندما رأت المحكمة أن حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس لا يبرر هذا الانتهاكات للقانون الدولي. من المفهوم ضمنًا أن تمادي إسرائيل في جرائمها وامتداد دوائر الإرهاب الذي تمارسه في المنطقة، والذي يعتبر الاعتداء على أسطول الحرية واغتيال المبحوح في دبي أحدث شواهده ليس فقط مسؤولية دولية تتطلب ردًا دوليًا حاسمًا، وإنما أيضًا مسؤولية فلسطينية تتطلب متابعة جادة من الجهات الفلسطينية الرسمية والأهلية والحقوقية تجعل إسرائيل تفكر مئة مرة قبل اقتراف أي جريمة جديدة.