تمنيتُ في كلمة الأمس لو سجّل السفراء العرب والمسلمون في العاصمة الألمانية برلين، احتجاجهم على التكريم والوسام الذي قلّدته المستشارة الألمانية ميركل للرسام الدنمركي صاحب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه. ذلك أن تطاول بعض المتطرفين في أوروبا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، قد بلغ ذروته بعد محاولة إحراق المصحف الشريف، ومن خلال منح شذوذ هؤلاء، وأضغانهم جوائز رسمية، ثم شهرة مجانية تصنعها أجهزة الإعلام الغربية، التي لا تزال تلهث وراء الإثارة بلا أي معايير مهنية، أو تقييم موضوعي، كما تشارك في صنع هذه الشهرة ردود فعل مفرطة في الغلو والدموية لطوائف إسلامية. إن من شأن كل ذلك أن يؤكد ضرورة تدخل حكومات الدول العربية والإسلامية، لاستصدار أنظمة وقوانين دولية تُجرِّم الإساءة للأديان والتحقير لرموزها المقدسة، كما أفلح الصهاينة في جعل الهولوكوست النازي قدس الأقداس في العالم الغربي، بحيث لا يستطيع حتى رئيس دولة مثل المستشارة ميركل، أن يناقش مجرد مناقشة موضوع الهولوكوست، فضلاً عن أن يشكك في عدد ضحاياه. * * * تلك كانت رؤية أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي، منذ أن بدأت هذه الموجة من العنصرية والعداء للإسلام بعد الرسوم الدنمركية، وقد نجحت المجموعة الإسلامية التي تمثل منظمة المؤتمر الإسلامي، في استصدار قرار يحد من الإساءة للأديان في مجلس حقوق الإنسان الدولي الذي عُقد مؤخرًا في جنيف، ودعا القرار إلى مراقبة المعالجة الإعلامية للأديان، بغية إيقاف حملات الكراهية والإساءة المتصاعدة، التي أكدت المنظمة أنها قد تضاعفت عدة مرات في عام 2009، وكانت منظمة المؤتمر الإسلامي قد عملت جاهدة من أجل استصدار قرارات من الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة، بغية وضع حد لحملات الكراهية والعداء للإسلام. وقد لقيت هذه الجهود معارضة من قبل الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. * * * إن المطلوب الآن تضافر جهود الحكومات العربية والإسلامية، ووضع ثقلها الدولي كله في هذا الاتجاه، لاستصدار قرارات وقوانين دولية تُجرِّم الإساءة للأديان وكراهية معتنقيها، خاصة وقد تبينت للعالم كله الآن خطورة هذه الموجات من التطرّف الأعمى، وتهديدها للأمن والتعايش الدولي، بل وعلى المجتمعات الغربية نفسها، التي أصبح الإسلام جزءًا من نسيجها الوطني ومكوناتها الاجتماعية والثقافية.