أكد قسّ كنيسة امريكية عزمه "بإصرار" على إحراق مئات المصاحف السبت في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر 2001، على الرغم من الادانة الواسعة التي لقيتها هذه الفكرة والتحذيرات التي صدرت ولا سيما من البيت الابيض، كما قالت متحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان الاتحاد بأكمله «يدين» خطط كنيسة أمريكية بحرق مئات المصاحف في فلوريدا. وأعربت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، وهي ارفع مسؤول امريكي يندد بخطط حرق المصاحف، وأعربت عن سرورها "للادانة الواضحة التي لا لبس فيها ضد هذا العمل المشين والمخزي والتي صدرت عن المسؤولين الروحيين الامريكيين من جميع الديانات، من المسيحيين الانجيليين الى الحاخامات اليهود، كما عن المسؤولين الامريكيين العلمانيين وقادة الرأي". واضاف البيت الابيض صوته الى التحذيرات من ان تؤدي تلك الخطوة الى اثارة الغضب في العالم الاسلامي مما يعرّض حياة الجنود الامريكيين للخطر، وصرح المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس الثلاثاء ان هذه الخطوة تعرّض حياة جنودنا للخطر. ومن الواضح ان اي عمل كهذا هو مصدر قلق لهذه الادارة". وجاءت تصريحات غيبس تأكيدا لتصريحات قائد قوات حلف الاطلسي في افغانستان الجنرال ديفيد بترايوس الذي حذر من ان حرق المصاحف سيوفّر دعاية اعلامية للمتمردين، قائلا: "اشعر بقلق بالغ للانعكاسات الممكنة اذا ما احرقوا المصحف". واضاف: ان "ذلك يمكن ان يعرّض للخطر في آن معا القوات والجهود الشاملة في افغانستان". الا ان كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" البروتستانية الانجيلية الصغيرة في غينسفيل (فلوريدا، جنوب شرق) اكدت عزمها احراق مئات المصاحف علنا السبت في الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة التي قتل فيها نحو 3000 شخص، وأعلن القسّ تيري جونز لشبكة "سي ان ان" الاخبارية أنه "يأخذ على محمل الجد" المخاوف التي أعرب عنها بترايوس، لكنه قال انه "ينوي باصرار" المضي في تنفيذ ما وعد به. ورغم ان دائرة المطافئ رفضت طلبا تقدم به جونز قبل اسابيع لاقامة "حفل احراق مفتوح للمصاحف"، إلا ان الشرطة لا يمكنها ان تتدخل لمنع ذلك إلا بعد ان يتم احراق المصاحف ال 200 التي يعتزم القس احراقها. وحتى اذا تم احراق المصاحف فلن يتم اعتقال اي شخص لان عملية الاحراق لن تمثل سوى مخالفة يعاقب عليها بفرض غرامات واصدار تحذيرات. وقال جونز: إن إحراق المصاحف يهدف الى "تذكر من قتلوا في احداث 11 سبتمبر" وارسال تحذير الى "العناصر الاسلامية المتطرفة". وتأتي خطط هذه الكنيسة وسط موجة من العداء للاسلام بسبب مشروع لبناء مركز ثقافي اسلامي في نيويورك في مكان قريب من موقع هجمات 11 سبتمبر 2001، واجتمع وزير العدل الامريكي ايريك هولدر بعدد من الزعماء الدينيين لبحث سبل القضاء على موجة العداء للاسلام. وقالت فرحانة خيرا مديرة جمعية "المناصرين للاسلام" عقب الاجتماع: إن هولدر وصف خطط حرق المصحف بأنها "غبية وخطيرة"، إلا أنه أعرب عن أسفه لأن الحدث بحدّ ذاته لا يشكل انتهاكا للقانون الفدرالي. ويتوقع ان يصادف احياء ذكرى 11 سبتمبر مع عيد الفطر الذي يحتفل به نحو 1، 5 مليار مسلم في انحاء العالم. الا ان جونز بقي مصّرا على رأيه وقال: "بدلا من إلقاء اللوم علينا لما سيفعله او يمكن ان يفعله آخرون، لماذا لا نرسل له بتحذير؟". وعقب اجتماع بين هولدر وعدد من الزعماء الدينيين، صرح ريتشارد كيزيك ابرز القادة الانجيليين "اقول لكل المتعصبين الرافضين لإخوتنا الامريكيين بسبب ديانتهم، عيب عليكم"، اما الحاخام نانسي كريمر فقالت: "نحن نشعر بالاستياء الشديد والحزن العميق بسبب حوادث العنف التي ارتكبت ضد مسلمين في مجتمعاتنا، وكذلك بسبب تدنيس بيوت العبادة الاسلامية". وخرجت احتجاجات في العاصمة الافغانية كابول وفي اندونيسيا، اكبر دولة اسلامية في العالم من حيث عدد السكان، ضد خطط الكنيسة، بينما حذرت ايران من ان احراق المصاحف قد يؤدي الى رد فعل خارج عن السيطرة في العالم الاسلامي. وتأسست كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" عام 1986 وهي كنيسة بروتستانتية صغيرة لا يزيد عدد اتباعها عن 50 شخصا وتصف الاسلام بانه "دين شيطاني" يسعى الى الهيمنة على العالم!!!. وكان المتحدث باسم كلينتون فيليب كراولي ندد بقرار حرق القرآن معتبرا إياه عملا "استفزازيا" و"غير امريكي". وقال كراولي:"إن إحراق المصحف يتعارض مع قيمنا كما يتعارض مع الطريقة التي تطوّر بها المجتمع المدني في هذا البلد" مشددا على انها فكرة "استفزازية ومتعصبة ومشينة". ووجّه البيت الابيض ووزارة الخارجية تحذيرات صارمة توضح ان حكومة الرئيس باراك اوباما تأسف لهذه الخطة، وقال بي.جيه. كرولي المتحدث باسم وزارة الخارجية في واشنطن: "نحن نعتقد ان هذه أفعال استفزازية وهي تنطوي على استخفاف وتعصب وتثير الفرقة.، واضاف قوله: "نودّ أن نرى مزيدا من الأمريكيين يهبون ويقولون هذا يخالف قيمنا الامريكية. وفي الواقع فإن هذه الافعال نفسها ليست من طبيعة الأمريكيين." وتتخذ السلطات في جينسفيل مقر الكنيسة التي تعتزم حرق المصاحف استعدادات أمنية خاصة لمنع وقوع اضطرابات يوم السبت أثناء الحدث الذي تقيمه الكنيسة غير المعروفة التي يتبعها حوالى 30 عضوا وتقول: إنها تريد "كشف الإسلام... كدين يتّسم بالعنف والقمع". وكرر رئيس البلدية وإدارة الشرطة في جينسفيل نداءاتهما لجونز كي يتراجع عن خطته. وحذّراه من أنه برغم أن حقوقه الدستورية تكفل له حرية التعبير والتجمع السلمي والعقيدة فهو سينتهك القوانين المحلية الخاصة بالمدينة إذا مضى قدما في خطته دون الحصول على إذن سليم. ورفض مسؤولو المدينة بالفعل منحه إذنا بالإحراق. وقالت مصادر في هيئات إنفاذ القانون: إن عددا من التهديدات بالقتل وجهت إلى جونز ومن بينها تهديد قيل إنه من "منظمة إرهابية" معروفة وإن مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالات اتحادية أخرى تعمل مع السلطات المحلية في جينسفيل، وقالت تشارنا شين المتحدثة باسم شرطة جينسفيل إنه سيكون هناك "وجود مكثف للشرطة" حول الموقع الذي يعتزم جونز أن يحرق فيه المصاحف وهو من الممتلكات الخاصة في حي سكني في جينسفيل. ولم تكشف عن تفاصيل متذرعة بأسباب أمنية. وقالت مصادر إنفاذ القانون: إن كنيسة جونز وقعت في مشكلة مع السلطات من قبل بسبب محاولتها إرسال أبناء أعضاء الكنيسة إلى المدارس مرتدين قمصانا مكتوبا عليها "الإسلام من الشيطان." وحظرت المدارس المحلية هذه القمصان. ومن جهته حذّر العالم الازهري البارز الشيخ عبد المعطي البيومي عضو مجمع بحوث الازهر أمس من انه في حال تنفيذ الخطة القاضية بحرق مئات المصاحف فان هذا الامر قد يؤدي الى "تخريب" العلاقات بين واشنطن والعالم الاسلامي، وقال الشيخ بيومي، الذي وصفه الرئيس الامريكي باراك اوباما في ندائه للمصالحة مع العالم الاسلامي بانه "منارة للعلم"، انه "لو عجزت الحكومة الامريكية عن وقف هذا سوف يكون (حرق المصحف) احدث صيحة في الارهاب الديني ومعنى ذلك تخريب العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الاسلامي"، واضاف ان ذلك "سيفتح المجال امام الارهاب. هل هم يحاربون الارهاب ام يشجعونه؟ "، مؤكدا ان "السكوت تحت شعار الحرية زائف، حرية (التعبير) لا تمس الحرية الدينية للاشخاص". وبدوره وصف عصام العريان العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين الاربعاء خطة الكنيسة البروتستانية الصغيرة ب "العمل الهمجي". فيما وصف الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الاربعاء عزم قس كنيسة امريكية على احراق مئات المصاحف السبت احياء لذكرى هجمات 11 سبتمبر، بأنه عمل "متطرف"، داعيا الامريكيين الى معارضة خططه. وصرح عمرو موسى في القاهرة: "هناك أغلبية متصاعدة في الولاياتالمتحدة ضد موقف هذا (القس) المتطرف". واضاف: "نريد أن نرى التفاعل الأمريكي المثقف ضد هذا الأسلوب التخريبي لهذا المتطرف".