يظن البعض أنه يمارس طقوسًا رجالية بأفعاله التي لا تعدو أن تكون تصرفات طفولية، أو أفعالًا ساذجة، أو مخالفة للقوانين، وضربًا للتعليمات عرض الحائط.. وهم لا يعلمون أنهم بذلك يفقدون ما تبقى لهم من ذرات الاحترام عند الآخرين. ولا عجب أن يقف الجميع موقف المتفرج على أمثال هؤلاء، ذلك أن النقاش معهم قد يحول إلى عراك وشجار في بعض الأحيان فمعظم هؤلاء المخالفين لا يفعل فعلته إلا والشرر يتطاير من عينيه. في أحد صوالين الحلاقة وبينما كنت أنتظر دوري كان رجل يجلس بالجوار وما أن حان دوره حتى جلس على كرسي الحلاقة وكانت المصيبة أن الرجل لم يجد عند الحلاق ما يرضيه في فن الحلاقة فتغشاه الغضب وكاد يخرج وينسى صديقه لولا أن ناداه بأعلى صوته ليعود منتظرًا فراغ صاحبه من الحلاقة وعندها لم يجد الرجل ما يعينه على ملء دقائق الانتظار سوى أن يخرج من جيبه سيجارة -رغم أن لوحة منع التدخين تقابله تمامًا- ويشعلها وظل ينفث علينا بداخل المحل المغلق سمومه وهو مسكين يقتل نفسه ويظن أنه يمارس طقوسًا رجالية!! وهناك في أحد مقاهي الشيشة والمعسل بأبها ثمة رجل في مجموعة يخاطب أحد العاملين بالمقهى خطابًا مليئًا بألفاظ معيبة ومصبوغًا بالدونية يربأ ويترفع حتى الرعاة وأصحاب الحيوانات والمواشي عن إطلاقها على الدواب بينما لا يجد هذا الرجل المتبختر حرجًا في قول ما يقول. يفعل هذا وهو يعتقد جهلًا منه وحمقًا أنه يمارس طقوسًا رجالية. وآخر يمشي في سوق مغلق حتى إذا ما وصل لقسم الإلكترونيات وجد عددًا من التلفزيونات وهي تعمل وكلها تعرض ذات الحلقة والمشهد والصورة من الفيلم الكارتوني توم وجيري ..فلم يتمالك الرجل نفسه وأبت عضلات فكيه المرتخية والمتدلية إلا أن تبقى فاهًا فاغرًا ليقهقه بصوت عال من شدة الكوميديا المضحكة التي شاهدناها ألف مرة حتى باتت لا تضحكنا.. ما جعلني وصديقي نذهب لمكان آخر لنفاجأ به أمامنا يلاحقنا بفيه الفاغر وكأنه يضحك بعدد التلفزيونات التي كانت تعرض الحلقة!! والرجل يعلم أنه في مكان عام وليس في بيته وللمكان العام آداب على الجميع التحلي بها.. فالضحك في المكان العام بصوت عال يعد قلة أدب وسوء سلوك.. وليس في هذا الفعل أي طقوس رجالية. نسيت أن أقول إننا وعند منتصف الليل وبينما كنا في الباحة الخارجية لأحد الأسواق شاهدنا رجلين قد بلغا أشدهما أو يكادان أحدهما يدفع عربة التسوق والآخر يجلس بداخلها لننطق أنا وصاحبي في وقت واحد إنها بضاعة مزجاة !!