كانت الإستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر قد صدرت منذ ربيع الأول 1425ه ابريل 2004 بتوجيه من الملك عبدالله – حفظه الله - وكانت ابرز المهام المكلفة بها اللجنة المعنية بمعالجة الفقر هي رصد الظاهرة وجمع المعلومات اللازمة عنها وتبويبها وتحليلها بالإضافة إلى تحديد مفهوم الفقر وجوانبه وقياس مستوياته ودراسة التجارب السابقة التي قامت بها بعض الدول وتحليل البرامج الموجهة إلى الفقراء واقتراح الخطط اللازمة وغير ذلك على أن يتواصل فريق العمل المكلف بذلك مع الجهات ذات العلاقة مثل المؤسسات الخيرية / صناديق الإقراض/ الجمعيات والمؤسسات الخيرية الأهلية / وزيارة المناطق والالتقاء بالمسؤولين وأخذ رأيهم كما أقرت اللجنة إنشاء صندوق خيري لمعالجة الفقر في السعودية ينطلق من فكرة التكافل الاجتماعي وكذلك تنمية قدرات الأفراد وتطويرها لاعتمادهم على أنفسهم وتوعيتهم ليساهموا في المجتمع ولا يكونوا عالة عليه وكلها أهداف نبيلة أرادها ولى الامر...فماذا تمّ خلال السنوات الماضية وأين جهود اللجنة والصندوق؟! لقد فتحت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالرياض هذا الشهر موضوع معالجة الفقر في اجتماع غير تقليدي مع أولى الجهات المعنية به وهي الشؤون الاجتماعية أمام وكيلها للضمان الاجتماعي وأمين الاستراتيجية الوطنية للإنماء الاجتماعي وطرحت أبرز القضايا والشكاوى التي ترد للجمعية من المواطنين عن الفقر والضمان الاجتماعي وعلى الرغم من استعراض الوكيل لإحصاءات عدد الأسر التي يعولها الضمان وما صرفته الدولة إلا أننا نتساءل هل حقق نظام الضمان الاجتماعي جدواه وكفل حق العيش الكريم للأسر الفقيرة في بلادنا؟ إن المتتبع لأحوال هذا الضمان ومن يصل إليهم يلاحظ أن ليس ثمة راتب يحقق للفرد الاكتفاء الذاتي إلى جانب أن موضوع التأمين الصحي الذي يحتاجه المنتسبون إليه لم يظهر بعد!! ومن المفترض أن تفكر الوزارة في بدائل بالتنسيق مع لجنة وصندوق معالجة الفقر لتنمية قدرات الأفراد وتدريبهم وتأمين آليات عمل ومشاركة لهم تجعلهم أصحاب فائدة وقيمة مضافة في المجتمع لأن هذا وحده هو الذي يرفع قدرات البلد الانتاجيه أما أسلوب الاتاوات والإعانات الفردية القليلة فهي لا تسمن ولا تغني من جوع...وهل يعقل في بلد تتنامى فيه رؤوس أموال مؤسسات مجتمعه الأهلي وتتنوع مصادر الدولة فيه لتحصيل الزكاة وتقديم الإعانات أن تستمر حالات الفقر المدقع بل تزيد سوءاً؟ فماذا عن القطاع الخاص..إننا لو استعرضنا ميزانيات بعض الشركات الكبرى وأصحاب رؤوس الأموال ورجالات التجارة في البلد لوجدنا أنه لو صرفت منها الزكاة الشرعية في شهر رمضان وأخرجت بالتمام والكمال(على النقد/ وعروض التجارة في جانب واحد فقط (وهو العقار) لكانت كافية لتلبية احتياجات صندوق معالجة الفقر وسد رمق المحتاجين والقضاء على الفقر ولعدنا إلى العهد العمري فلا تجد الزكاة مستحقاً لها بعد حين...ولكن..كم من أثرياء تجدهم يحرمون أقرب الناس إليهم..ويمدّون أيديهم للمساعدة التي فيها ظهور وتفاخر وربما في أوجه ليست هي أوجه الزكاة...ناهيك عن خلطهم للصدقات مع الزكاة وما يتبرعون به الأمر الذي يقلل من عائد ونصيب الزكاة الحقيقي الذي يبذلونه..وكثيرون لا يهتمون بإيصال الزكاة لمستحقيها أو البحث عن قرابتهم الأقرب فالأقرب وفكرة الزكاة ربما تكون لمساعدة قريب أو محتاج وفك ضيقه وتعليمه وتنمية قدراته ليعمل في وظيفة تكفيه مما يكفل له عيشاً كريماً بدلاً من توزيع نقد هنا وهناك للتفاخر دون معرفة أو حساب!!... وعود على بدء فإننا ننتظر دوراً فاعلاً لصندوق معالجة الفقر وقد حمّله ولى الأمر مسؤولية جسيمة فأين برامجه وخططه وماذا حقق منها وأين تسير أعماله؟ إن النظر في آخر تعداد للسكان (1431ه) يظهر أن عدد السعوديين قد بلغ ما يقارب 19 مليون منهم قرابة النصف من النساء..وإذا أخذنا الإحصاءات السابقة التي تؤكد بأن نسبة العاطلات عن العمل من حملة البكالوريوس من النساء 78% مقارنة بالشباب 44% فإن ذلك يؤكد بأن نصف المجتمع يعاني من بطالة كبيرة في زمن أصبحت مشاركة المرأة لزوجها ضرورية إضافة إلى بطالة الذكور الذين لا يعرفون كيف يواجهون ظروف الحياة!! وأتصور أن من مهام لجنة وصندوق مكافحة الفقر هو تنمية قدرات العاطلين عن العمل وفتح مجالات التدريب والتطوير وإيجاد فرص للعمل لتقديم قيمة مضافة للمجتمع...وأخيراً هل يكون هذا الشهر الكريم فرصة لعودة أصحاب الأموال إلى رشدهم واستدراك ما فاتهم قبل أن يدركهم الموت فرحلة الحياة قصيرة. يقول تعالى:(وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ) (سورة المنافقين 10.11) دوحة الشعر: قصدت طيبة والأشواق تحملني إلى بقاع...وفيها قرّة العين