أنا أب لا أختلف عن أي أب في هذا الكون، أعيش متاعبي وأكتبها باليمين، وأنثرها وكلي يأمل في أن أقود هذه الأسرة الصغيرة وأن أصل بها للنهايات السعيدة؛ لكني أعود للحزن بمجرد مغادرته حين ألمح في وجه أطفالي الصغار براءة الطفولة وأراهم وهم لا هم لهم سوى اللهو والفسحة والسفر ومطاردة الألعاب الإلكترونية وهو عالمهم، هم يظنون أنني أب غير عادي وأنني اغنى خلق الله حين امنحهم ما يريدونه لأنني اكره أن افسد عليهم أيامهم الجميلة بالرفض حتى ولو كان ذلك على حسابي وحينما يشاهدونني أحدق في عيونهم يضحكون لأنهم ببساطة لا يعلمون أنني أموت في حزني عليهم ومن اجلهم وان أهم أحلامي هو أن أطمئن عليهم والخوف من أن تنتهي الحياة وهم لا يزالون لا يفقهون ماذا تعني هذه الحياة التي هي بالتأكيد لن تكون السهلة والصعب فيها ابتدأ من أمس قبل هذا اليوم الذي هو أفضل من الغد ومن هنا تبدأ الحكايات تتقاطع في مدارات رأسي وانتهي إلى أن اقبلهم وكلي يتمزق. الحزن قضية عادية في زمن كل ما فيه استثنائي، الوظيفة استثنائية، الشهادة مسروقة الواسطة هي العفريت الذي يحملك إلى الحلم، لدرجة أن كل حياتنا اليوم أصبحت غير عادية حتى اللصوص فيها مختلفون وغير عاديين، هذا اليوم الذي ماتت في جحيمه كثير من القيم وكثير من المبادئ التي كنا نعيشها ونلمسها في علاقاتنا وتعاملاتنا الحياتية كلها تلاشت وكأنها لم تكن وتغيرت كل المثل في هذا اليوم الذي لن تجد فيه من يرحمك، لا أخوك، لا قريبك، لا عمك، لا احد سوى جيبك فإما أن تكون ثريًا تملك ما يحقق لك السعادة وإما أن تموت في دائرة الهلاك بمفردك وتموت معك كل أغصانك، أليست متاعب كهذه هي اكبر من أن تنمو في صدر أب أو أم!! أليست الأبوة هي أن تقود هذه السفينة إلى بر الأمان وان تصنع من هؤلاء الصغار رجالًا قادرين على العطاء والتضحية من اجل الوطن، أليست الأمومة هي أن تبني أجساد وعقول الصغار وترعاهم بعيونها وقلبها حتى النهاية، لكن المؤسف هي أن تموت كل هذه الأحلام وأن تنتهي إلى مقبرة لا اسم لها تاركًا المهمة لمن يقدر على تسميتها ّّّ! خاتمة الهمزة... كل ما تقدم هي متاعب كل الآباء ومآسي كل الأمهات الذين لا يحلمون بأكثر من أن تنتهي متاعبهم إلى جنة اسمها الفرح الذي كانوا ينتظرونه ويرسمونه من سنين لأبنائهم وبناتهم الذين لا يريدونهم لصوصًا ولا إرهابيين ولا عناصر فاسدة ومؤذية للوطن بل يريدونهم مواطنين شرفاء منجزين ومحبين للوطن هذه خاتمتي ودمتم. [email protected]