نبأ رحيل الاستثناء، الشاعر (أبي سهيل) صاحب الوزارات أذهل الأباعد فضلاً عن الأصدقاء والمخلصين، وكانت الفاجعة هي أن غازي القصيبي كما يروي أبناؤه عاش بصحة وعافية بعد عودته من رحلته العلاجية الطويلة، ولكنها إرادة الله.. واليوم المحتوم، (لكل أجل كتاب)، وعندما نعى الديوان الملكي وفاته استحضرت تلك الشخصية النادرة، وتذكرت معها أن من الوفاء كل الوفاء (هو الدعاء) والترحم عليه، وخاصة انه كان قريبًا من قلوب الجميع. (نعم) تذكرت في التسعينيات الهجرية كيف شكّلت الوزارات وأخذ حقيبة مهمة.. عمل عليها طويلاً حتى ربط الساحل الشرقي بالغربي عبر شبكة الكهرباء المطور، حينها كنت طالبًا في (حفر الباطن) التي وصلها ذلك التطوير النادر من صاحب الوزارات الفقيد الدكتور (غازي القصيبي)، وتذكرت كيف كانت صحراء النفود تخرقها أعمدة الكهرباء لتصل إلى ربوع البوادي فضلاً عن المدن الرئيسة، ثم تنقل بعد ذلك في الوزارات المختلفة.. لأجده في أحد مستشفيات حفر الباطن ورفحاء والقريات (وزيرًا)، وبنفسه يدخل العناية المركزة ليتأكد بنفسه أن كل مريض يجد كرسيًّا ينام عليه، وفعلاً نجحت الصحة في عهده. ثم أخذ رحمه الله (حقيبة من نوع جديد)، وهي الدبلوماسية سفيرًا، فأنشأ (ديوان السفارة) بلندن، وجمع الطلاب حوله شاعرًا وأديبًا وسفيرًا وأبًا لكل طالب حتى عاد لمعالجة خلل العمل والعمال في المملكة العربية السعودية؛ ليتصارع مع السعودة التي أرهقته حتى وصل به الحال إلى المرض الذي تصارع معه نتيجة القلق ومعاندة أصحاب النفوذ حتى يطبّق القرارات على الكل، ورحل عنا أبو سهيل ونترحم عليه لأنه مثال للإخلاص والوطنية العالية التي أتمنى أن تكون في رجال اليوم من أولئك الذين هم على سدة الوزارة والإدارة في هذه البلاد، كما هو شأن ملك الإنسانية بوطنيته وإخلاصه لشعبه. رحم الله الفقيد، وألهم أهله الصبر والسلوان. “إنا لله وإنا إليه راجعون”. * المستشار بوزارة الثقافة والإعلام