إبّان حكم الأنظمة الشيوعية في دول أوروبا الشرقية، وفي الاتحاد السوفيتي سابقًا كان يتردد في أوساط الطلاب الأجانب الذين كانوا يتلقون علومهم في جامعات هذه الدول لنيل شهادات عليا أنه من غير الضروري أن ينكب الطالب على الدرس، وأن يرهق نفسه، وأن جل ما عليه أن يفعله هو أن يقدم هدية قيّمة للأستاذ المشرف على دراسته فينال شهادة بدرجة عالية جدًّا. وهذا لا يعني أنه لم يكن هناك طلاب جادون ومتفوقون ومؤهلون لنيل شهاداتهم عن جدارة، ولكن هؤلاء ذهبوا ضحايا مَن كان يمتلك القدرة المالية لشراء شهادته، فنجم عن ذلك شيوع فكرة لدى الرأي العام بأن خريجي جامعات الدول الاشتراكية هم من الفاشلين أيًّا يكن اختصاص المتخرج من هذه الجامعات. ولا ننفي هنا أن يكون الغرب قد استغل إعلاميًّا هذه المسألة نتيجة الصراع الذي كان دائرًا بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، ولكن كما يقال في المثل الشعبي: «لا دخان بدون نار». واليوم فقد انقلب السحر على الساحر، حيث لم يعد هناك صراع اشتراكي ورأسمالي، وما كان شائعًا في الدول الشيوعية أصبح شائعًا في الدول الرأسمالية، حيث باتت بعض الجامعات في دول راقية تمنح شهادات دكتوراة لمجرد أنها شهادة دكتوراة، دون أن يكون لها أي قيمة علمية، أو قد تكون الجامعة نفسها غير معترف بها دوليًّا. وهناك طريق آخر للحصول على شهادات الدكتوراة وهي اللجوء إلى التزوير ظنًّا أن الأمر من الصعب أن ينكشف لطالما أن الحاصل عليها سيستخدمها في دولة خارج مكان تزويرها، أو سيعلقها صاحبها على حائط مكتبه، أو في غرفة الضيوف في منزله للتباهي وليس لأي استخدام وظائفي. وبما أننا معنيون بالحديث عن السعودية قبل غيرها، فتكفي الإشارة هنا إلى أمثلة مادية للدلالة عمّا نحن بصدد إثارته، ومنها أن 35 دكتورًا مصريًّا كانوا يعملون في السعودية، وهم من حملة الشهادات المزوّرة، وأن 50 مسؤولاً ومشرفًا تربويًّا ومعلمًا وبعض مديري المدارس في إحدى المناطق السعودية هم من حملة الدكتوراة بطرق غير شرعية، أو حصلوا عليها من جامعات غير معترف بها. ومن الأمثلة أيضًا أن بعض الطلبة السعوديين يترحمون على أستاذ جامعي مصري كان يعمل في إحدى جامعات بريطانيا، وكان أكرم من حاتم الطائي في منح شهادات الدكتوراة. كما أن صحفًا أمريكية نشرت قبل فترة أن نحو 10 آلاف شخص حصلوا من أمريكا على شهادات دكتوراة مزوّرة بينهم 180 خليجيًّا، غالبيتهم من السعودية. وللحديث بقية.