معالي وزير الصحة يقول: إن نقص الأدوية هو أمر خارج عن إرادة وزارة الصحة. وبالمناسبة ذكّرتني هذه العبارة بما يحدث لبعض المواطنين الذين تضعهم الظروف بين قوسين، خاصة حين يجد أحدهم نفسه في مستشفى حكومي، ويطلب منه المسؤولون عن العلاج أن يقوم بتوفير دواء معين لقريبه، أو لابنه من خارج المستشفى، ويكون هذا الدواء غالي الثمن، وتكون ظروفه المادية سيئة جدًّا! وقتها.. تُراه ماذا يفعل؟؟ يستدين.. فربما يجد مَن يعطيه، وربما لا يجد أحدًا من الناس يمنحه ريالاً واحدًا. طيّب يبيع ذهب زوجته، فربما تكون الزوجة تصرّفت في الذهب من زمن قديم؛ بسبب الحاجة لتسد بعض احتياجات أسرتها أو منزلها، وقتها.. ماذا بيده يستطيع أن يعمله؟! يترك ابنه في المستشفى يموت، يتسوّل بهدف توفير الدواء لإنقاذ ابنه، أو قريبه، أم ماذا؟! أؤكد لمعالي الوزير أن هذا يحدث في كل مناطق المملكة. حقيقة مؤلمة يا معالي الوزير، هي معاناة الناس مع الصحة في وطني، الذي ما بخل على أبنائه أبدًا، وكلنا يشهد لولاة أمرنا الذين لا يترددون قط في مساعدة الناس أيًّا كانت جنسيتهم، والأرض كلها تشهد لهم بذلك، كما تشهد بأن أرضي مملكة الإنسانية، لكن أن تكون المعاناة لمواطن بسبب عدم توفر الدواء، الذي قلت عنه إنه يكون خارجًا عن الإرادة، فتلك -والله- مصيبة، والمصيبة الأكبر هي أن تُخْضع الظروف الوزارة والمواطن في آن واحد للإرادة، ويكون الضحية بالطبع المواطن.. أنا أتحدّث لمعاليكم من خلال التجارب، ومن خلال بعض ما يصلني من القرّاء من كل مكان. مرة من جدة، ومرة من المدينة، وآخرها من جازان في مكالمة هاتفيه من أب مكلوم، أُصيب ابنه بحادث سير، ونُقل على إثره لمستشفى الملك فهد بجازان، وكانت مصيبته مرتين: مرة في ما جرى لابنه الذي دخل في غيبوبة، والثانية بسبب عدم توفر الدواء؛ ليظل المسكين يشتري الدواء الذي لم يكن موجودًا في المستشفى بمبلغ يتجاوز ال( 600) الستمئة ريال يوميًّا، يومها تدخلتُ شخصيًّا في محاولة يائسة لإنقاذه، حيث قمت بالاتصال ببعض الزملاء الأعزّاء في الشؤون الصحية بمنطقة جازان، وبعض الأصدقاء في الوزارة؛ لكنّي فشلتُ جدًّا في أن أساعده، أو أقدّم له بعض ما يمكن، وحين فشلت اكتفيت بأن أدعو له فقط. خاتمة الهمزة.. حين اكتشفت أن عدم توفر الدواء هو أمر خارج عن إرادة الوزارة من خلال حديثكم لهذه الجريدة، في عددها رقم 17279، بتاريخ 4/9/1431ه والذي كان عن حرص الوزارة على توفير الأدوية الأساسية والحساسة في مختلف مناطق المملكة، قررتُ أن أقول لمعاليكم شكرًا ولكن.. هل تعتقدون أن ذلك الدواء المكلّف هو دواء غير أساسي، ولا حساس؟ أتمنى أن تكون الإجابة بنعم.. هذه خاتمتي.. ودمتم. [email protected]