اختلف في المراد بقوله جل ذكره (أياماً معدودات) بعد قوله سبحانه (كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فقيل إن المراد بها : ( شهر رمضان ) وعلى هذا أكثر أهل العلم، وذهب قتادة وعطاء وغيرهما أنها غير رمضان، واختلفوا في تعيين هذه الأيام : هل هي ثلاثة من كل شهر أو غيرها. والذي اختاره والعلم عند الله أن قوله سبحانه (أياماً معدودات) لا تساعد اللغة إلى صرفه إلى شهر رمضان، وتأباه طريقة القرآن في الحديث عن الأيام المعدودات في مسائل أخرى كما في أيام الحج والنحر. كما أن تكرار الحديث عن حكم صيام المريض والمسافر يؤيد هذا، وعليه فإنه يمكن تصور المسألة كالتالي: جاء الأمر أولاً بصيام أيام معدودات على وجه التخيير لا التعيين، ولهذا قال بعدها (وأن تصوموا خير لكم) كل ذلك ترغيباً في الصيام، وتوطئة للتكليف بصيام شهر رمضان. وذكر معه حال المريض والمسافر ثم نسخ ذلك كله بصيام شهر رمضان بقوله سبحانه (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فيصبح الأمر تاريخياً أن الأمر بالصيام على التخيير فرض في أول السنة الثانية من الهجرة وكان أياماً معدودات، والغالب أنها كانت ثلاثة أيام من كل شهر، فلما قرب شهر رمضان من العام نفسه نُسخ ذلك الحكم بفرض صيام رمضان على التعيين، فصامه صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه,