نظرة واحدة للزحام الحاصل داخل محلات الجزارة وأمام أرفف اللحوم في المراكز التجارية تكشف بجلاء قيمة تحذيرات الأطباء من الإكثار من تناول اللحوم خلال الشهر الفضيل، إلا أن تلك التحذيرات ربما تختفي تمامًا مع الإقبال الكبير على شراء اللحوم الحمراء وفقًا لطقوس وعادات شهر رمضان، الذي يراه هؤلاء شهرًا ل “الطعام والشراب وملء البطون”. ويفضل الكثيرون شراء اللحوم مع بداية الشهر من اجل حفظها وتفريزها حتى يمكن تحضير الطعام في أقل وقت ممكن عند النساء ولانشغالهن بالعبادة. يقول الجزار مصطفى محمد: ما إن يهل علينا شهر رمضان حتى أجد إقبالًا شديدًا لشراء اللحوم بأنواعها، منهم من يأخذ بالكيلو والبعض يأخد أكثر من ذلك.. وبخاصة أن جميع البدائل مطروحة في الاسواق من اللحوم المستوردة واللحوم البيضاء، مشيرًا الى أن اسعار اللحوم البيضاء تشهد انخفاضًا في الاقبال عليها بسبب اقبال الناس على لحم الاغنام والابقار. اما يحيى عبدالله فقال إن لحوم الاغنام يختلف طعمها عن بقية اللحوم وبخاصة الطازجة منها، فالاقبال على اللحوم بكثرة يعود الى كثرة الوجبات التي تقدم في رمضان والتي تحتاج الى اللحوم كما أن الكثير من المستهلكين يستهدفون لحوم الابقار من اجل المفروم والذي يوضع على اغلب الوجبات الرمضانية. من جانبه قال سعد احمد إن اللحوم الحمراء تعتبر من أفضل مصادر الحديد وتساعد كذلك على امتصاص الحديد من الأغذية الأخرى هذا إلى جانب احتوائها على فيتامين (ب) المركب والبوتاسيوم والفسفور والصوديوم، لذا نجده يجدد الدم ويقوي مناعة الجسم هذا إلى جانب احتوائه على الأحماض الأمينية الأساسية التي يتكون منها أنسجة الجسم وعضلاته. من جانبه أوضح الدكتور عمرو حلمي أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي أن اللحوم الدسمة تزيد من السعرات الحرارية التي يجب أن يحصل عليها الإنسان بشكل عام، فكل جرام واحد منها يعطي للجسم تسع سعرات حرارية، وذلك مقارنة بعناصر غذائية أخرى مثل النشويات والسكريات التي تمد الجسم بأربع سعرات فقط لكل جرام واحد منها، هذا إلى جانب صعوبة هضم اللحوم بشكل عام، وللمرضى خاصة. واشار الى أنه يتعين على مرضى الكبد الدهني الابتعاد عن تناول اللحوم الحمراء، كذلك مرضى الالتهاب الكبدي الحاد والمصابون بتليفات كبدية حتى لا يرهق الكبد؛ نظرًا لصعوبة هضم اللحوم مما يجعل المريض يفقد شهيته ويؤثر عليه خلال تناول الأطعمة الأخرى المهمة له. وعمن يعانون من أمراض المرارة كالالتهابات أو الإصابة بالحصوات يقول د. عمرو حلمي إن على هؤلاء تحديدًا الامتناع التام عن تناول اللحوم حيث إنها تؤدي إلى انقباضات قوية ومفاجئة بالمرارة مما يدفع بالحصوات إلى الهروب للقنوات المرارية ويؤدي بدوره إلى حدوث انسداد في هذه القنوات قد ينتج عنه صفراء انسدادية مع الآلام المبرحة والمغص المراري، مما يستلزم التدخل العاجل لإزالتها وإعادة فتح القنوات المرارية. وبالنسبة لمرضى القولون العصبي والمصابين بالالتهابات المزمنة فإن تناولهم للحوم الضأن على وجه الخصوص، والإفراط في اللحوم الدسمة، يؤدي إلى حدوث نوبات الإسهال الشديدة وآلام البطن والتقلصات، ولذلك فإن الاعتدال خاصة في الأطعمة الدسمة مهم جدًا للجميع، والمرضى على وجه الخصوص، حتى لا يلجأوا إلى الأدوية المساعدة على الهضم أو علاج ما يحدث من عوارض أخرى كالإسهال أو نوبات الهضم القاسية.