يجىء البيان الشعبي الذي وجهته أحزاب وشخصيات فلسطينية أمس بهدف إفشال الضغوط الخارجية على السلطة الفلسطينية للانتقال إلى المفاوضات المباشرة وفقًا للشروط الإسرائيلية ليؤكد على أن الشعب الفلسطيني لا يزال يمتلك الإرادة السياسية الحرة، لا سيما وأن البيان جاء بعد أيام قليلة من جمع «منتدى فلسطين» تواقيع آلاف الفلسطينيين على وثيقة تهدف إلى إفشال تلك الضغوط. لعل ما يدعو إلى التفاؤل بأن يكون هذا الرفض بداية مرحلة جديدة في جمع كلمة الفلسطينيين، اتفاق قوى اليمين واليسار والسلطة وحماس وفتح وكافة جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدس العربية على رفض الدخول في هكذا مفاوضات إلا بمرجعية واضحة ومحددة ووقف الاستيطان في الضفة والقدس لأن الدخول في المفاوضات المباشرة بدون تحديد المرجعية ووقف الاستيطان معناه التسليم الكامل بالشروط والإملاءات الإسرائيلية التي يبدو من الواضح أنها ستستغل تلك المفاوضات لاستكمال مخططاتها الاستيطانية وتهويد القدس وفرض حل نهائي تجبر الفلسطينيين على قبوله. هذا الرفض الذي توافقت عليه أطياف الشعب الفلسطيني، يؤكد على إيمان هذا الشعب بأن الطريق إلى الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف لا يمر عبر المفاوضات - مباشرة أو غير مباشرة - مع الطرف الإسرائيلي الذي أثبت خلال 19 عامًا من التفاوض العقيم أنه يستغل تلك المفاوضات لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وللإجهاز على عروبة القدس وتحطيم الإرادة السياسية للشعب الفلسطيني. بالطبع لا يمكن التقليل من حجم الضغوط الهائلة التي تمارس على السلطة الفلسطينية، لكن المصلحة الوطنية العليا تستدعي من الجميع الثبات على الموقف بعدم الذهاب للمفاوضات المباشرة إلا بالشروط الفلسطينية، لأن أي التفاف على هذه الشروط معناه توجيه طعنة غادرة للنضال الفلسطيني، وسيكون بمثابة انتحار سياسي للسلطة الفلسطينية. ما يدعو إلى التفاؤل أن هذه القضية جمعت لأول مرة منذ فترة بعيدة أطياف الشعب الفلسطيني حول البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يرتكز على الوحدة الوطنية، بما يؤذن بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، باعتبار هذه الخطوة لا غنى عنها للتصدي للضغوطات الخارجية، ومواجهة كافة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها.