ليس بوسع المراقب أن يفهم كيف يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن السلام والمفاوضات المباشرة والتنازلات المؤلمة وحل الدولتين في الوقت الذي تصل فيه الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية إلى مستويات غير مسبوقة شاملة للضفة الغربيةوالقدس العربية ومناطق عرب فلسطين (1948) ، مستهدفة البشر (الأحياء منهم والأموات) ، والحجر ، والشجر ، وفق ما تناقلته وكالات الأنباء مؤخرًا ، حيث قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون باقتحام مقبرة مأمن الله التاريخية التي دفن فيها عدد من الصحابة والعلماء والشهداء بالجرافات ، فيما هدمت العديد من البيوت في الأحياء العربية في القدسالشرقية وطرد عشرات المواطنين منها وسحب هوياتهم وهدم بيوتهم . وفيما امتدت دائرة الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل إضرام المستوطنين النار في مئات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون في بلدة فوريك في محافظة نابلس ، وقيام بعض المتطرفين الإسرائيليين بإحراق الباب الغربي لمسجد حسن بك الأثري في مدينة يافا . الاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر فقط على الآثار الإسلامية ، وإنما شملت أيضًا الاعتداء على آثار مسيحية ومحاولة طمسها في عين كارم التاريخية في القدسالغربية. هذه الاعتداءات المتزايدة بما تعكسه من نوايا خبيثة لا يمكن أن تعطي أي مؤشرات إيجابية على جدية الطرف الإسرائيلي إزاء عملية السلام ، وهو ما يتطلب من الطرف الفلسطيني كشف المخطط الإسرائيلي ووضعه بكل أبعاده وتفاصيله أمام الرأي العام العالمي ، وجمع كافة تلك الخروقات والجرائم والانتهاكات ضمن ملف واحد لتقديمه إلى الأممالمتحدة واللجنة الرباعية ومحكمة العدل الدولية ، ورفض أن تكون تلك المفاوضات وسيلة للمماطلة والتسويف وتبديد الوقت ، أو أن تكون ستارا لما تقوم به إسرائيل من ممارسات على الأرض لتكريس سياسة الأمر الواقع ، مع ضرورة إفهام العالم بأن ما تقوم به حكومة نتنياهو إنما هو محاولة مكشوفة للقضاء على فرص تحقيق السلام وتقويض حل الدولتين ، لا سيما في ظل الاستمرار في ممارسة تلك الانتهاكات والاعتداءات والإصرار على استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربيةوالقدس العربية بما يجعل هكذا مفاوضات مسرحية هزلية مملة!.