مع تتابع الأنباء عن خلاف بين القاهرة وحكومة حماس المقالة بسبب الصواريخ التي انطلقت كما يبدو من سيناء لتسقط في مدينة إيلات الإسرائيلية وميناء العقبة الأردني، وتحميل القاهرة فصائل فلسطينية في غزة مسؤولية إطلاق الصواريخ، برزت توقعات كثيرة بأن تبادر مصر إلى إغلاق معبر رفح ردا على مثل هذا التصرف. وإذا كانت مصر سارعت لنفي هذا الاحتمال وأكدت أن معبر رفح لا يزال مفتوحا فإن هذا الحدث يستدعي وقفة حقيقية لفهم أسباب إطلاق هذه الصواريخ وأهدافها خصوصا وأنها أطلقت من الأراضي المصرية ولم توقع خسائر وقتلى وجرحى إلا في الأراضي الأردنية. فالطرف الذي يقف وراء إطلاق هذه الصواريخ يهدف بشكل واضح إلى إحراج مصر دبلوماسيا ودوليا باستخدامه الأراضي المصرية لإطلاق الصواريخ، كما أنه يهدف دون شك إلى إثارة حالة توتر بين الحكومة المصرية وحكومة حماس المقالة في غزة، ما قد يقود لإغلاق معبر رفح الذي يمثل المتنفس الوحيد لأهالي غزة، وكأنه يحاول إجهاض الجهد المصري لمساعدة الغزيين في مواجهة الحصار الخانق الذي يتعرضون له. كما أن من يقف وراء هذه الصواريخ يهدف أيضا لإحراج حركة حماس التي ستبدو كأنها استغلت فتح السلطات المصرية لمعبر رفح لتقوم بتهريب أسلحة أو مقاتلين إلى سيناء ثم القيام بهجمات من الأراضي المصرية ضد إسرائيل، وهو تصرف إن ثبت سيكون تهمة تؤكد أن حماس لا تهتم فعلا بأهالي قطاع غزة ولا تريد أن تحافظ على مكسب فتح معبر رفح الذي يستعمله كثير من الفلسطينيين للتنقل للدراسة أو العلاج كما أنه المدخل الأكبر للمساعدات الطبية والغذائية. هذه المعطيات تؤكد أن هناك جهات تعبث في المنطقة لتحقيق أهدافها الخاصة سواء بإحراج النظام المصري أو زيادة عزلة حماس لتحافظ على توتر عالٍ في المنطقة يتحرك بالوضع بعيدا عن الاستقرار وخطوة أقرب نحو التشنج والفوضى. والأسوأ أن هذه الجهات وفي سياق تحقيق أهدافها هذه لا تمانع في زيادة معاناة أهالي غزة إن أغلق معبر رفح أو توقف تدفق المساعدات الدولية منه إلى القطاع مستغلة معاناة الفلسطينيين لتحقيق مآرب هي أبعد ما تكون عن صالحهم الحقيقي.