الفترة الواقعة ما بين عقد القرآن والزفاف، أو التي يصطلح على تسميته ب “المِلكة” هي فترة نرجسية مليئة بالورد والهدايا، هذه هي الصورة الراسخة في أذهان كثير من الفتيات، لكن حينما نغوص في واقع المجتمع نجد أنها قد تصبح ساحة للحيرة والمشكلات والشد والجذب بين أهل الفتاة وزوجها، وحينها تقع الفتاة في حيرة من أمرها، وقد تستفحل الخلافات بينهم، فيقع الطلاق قبل الدخول للحياة الزوجية! “الرسالة” فتحت ملف هذه الفترة بين الشرع والعرف مع عدد من المختصين كما نراه بين السطور التالية: فترة تعارف تبتدر عضو جمعية الشقائق بجدة ألماس الهجن موجهة انتقادها الشديد لحالة التسيب وعدم الانضباط في العلاقة في عقد القرآن، فتقول: ما يحصل الآن في المجتمع فيه نوع من التسيب في عقد القرآن، فقد ذهب بها إلى مناطق معينة ليستمتع معها، وقد وردتنا في جمعية الشقائق استشارات حيال هذا الأمر، ونجد أن أكثر المشكلات هي لأجل طول فترة عقد القرآن، وأفضل فترة لعقد القرآن هي ما بين شهرين إلى ثلاثة، بحيث يسمح له أن يخرج معها برفقة أحد أهلها، بحيث لا تحدث خلوة؛ لأن كثيرًا من الشباب قد يطلق زوجته بعد أن تصبح العلاقة قوية وحميمية، وعندما يطلق الشاب فقد ترى الفتاة أنها انكسرت، فالزوج حينما يطلق لا يتأثر مستقبله، أما الفتاة حينما يفسخ العقد قبل إعلان النكاح فإنها تكون في وضع سيئ، كثير من الشباب يرى أن الملكة عبارة عن تعارف بين الزوجين، لكن هو في حقيقته عقد زواج معلن منذ عقد القرآن وهو زوج لها، لكن إن ظلت الفتاة في بيت أهلها، فلا يحق للزوج أن يمارس عليها ما يريد؛ لأن العرف الاجتماعي له دور، وهو دور المحافظة على الفتاة إلى أن يتم الزفاف. وأكدت الهجن أن الكثير من الشباب يعاني من مشكلات اجتماعية عندما تطول المدة، فتقول: كثير من الشباب يعاني مع الفتاة في فترة الملكة من مشكلات نفسية واجتماعية، فالتريث في اختيار الزوج مطلوب، وأن تكون هناك لقاءات متعددة ليعرف الشاب هل يستطيع أن يتحمل مسؤولية الأسرة وقيادتها أم لا. وفي القدم كان عقد القرآن يتم يوم الزفاف، ويُعلن هذا للناس أما في الوضع الحالي فقد لا يعلم الكثير من الناس، ويكون هذا الشيء سببًا للقيل والقال، فحريٌ بالأهل في فترة القرآن أن يتعرفوا على الشاب، وأن تكون هناك مكالمات هاتفية بينه وبين زوجته، على أن يمنع خروجهما وحدهما نهائيًا، فبعض الناس قد يتساهل وتخرج الفتاة مع زوجها، فيحصل طلاق إذا اختلى بها، أما إذا لم يختل بها فقد تختلف الأمور، فالعرف له صلة وثيقة بالشريعة في حماية الفتاة من المزالق، فالشرع حماية وليس هناك ضرر ولا تصادم بين العرف والشرع، فإذا تزوج الشاب وأعلن زواجه فلا غبار عليه، وفي العرف لو تزوج بها ولم يتم الزفاف فله أن يزورها بوجود الأسرة، فيكون هذا نوع من التأهيل النفسي والاجتماعي، فالعرف والشرع هما مكملان لبعضهما، والإسلام أجاز حكم الأعراف والقبائل. مدة الملكة ومن جهة أخرى ينفى رئيس لجنة التكافل الأسري في المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري وجود رأي فقهي يحدد وقت الملكة، فيقول: لا أعتقد أن هناك رأيًا فقهيًا يحدد مدة عقد القرآن، بل إنه مجرد أن يُملك فهو تزوج بتلك الفتاة، فبمجرد إجراء العقد على الفتاة تصبح زوجة له، فلما تصبح زوجة له يحق له أن يفعل بها ما يشاء، وكذلك المرأة فإنها تقع عليها الأحكام الشرعية فإنها ترثه لو قدر الله ومات، إلى غير ذلك، لكن العادات هنا تختلف من بيئة إلى أخرى، ففي الدول العربية والخليجية بعض الأسر يعقدون والدخلة تكون في نفس الليلة، في حين أن بعض الأسر تعقد على الفتاة، ثم يحددون يوم الدخلة بعد أشهر أو سنة أو غير ذلك، ومن وجهة نظري القاصرة كمختص ومستشار في القضايا الأسرية أتمنى حقيقة ألا تطول فترة الملكة أو العقد لعدة أمور؛ لأنها لو طالت ربما يحرج الشاب الفتاة بأشياء كثيرة أو تمارس معه شيئًا ما أو يكلمها أو يخرج معها، وهذا مع أنها زوجته إلا أنها تعارض مثلًا رأي الوالد، والمدة الطويلة تسبب مشكلات عديدة ربما يبدأ ينبش عن أشياء، ويتحدث مع الفتاة في أمور وأشياء. الأمر الثاني ربما يكون في عقد القرآن عدم إعلان وبعض العلماء يشترط حفلة الزفاف في عقد القرآن حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنه لابد من الإعلان وأنه من شروط النكاح، واستدلوا بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “أولم ولو بشاة”. فعدم الإعلان قد يسبب مشكلات بأن يخرج الشاب مع الفتاة، ويخرج معها وينام معها، وربما يتوفى وما حدث إعلان، فيقال من أين أتت بهذا الجنين؟، فقد تحدث بعض الأشياء والمكالمات وبعض الشباب المتزوج لا يذكر الأشياء القديمة العاطفية؛ لأنه كم من فتاة طلقت قبل دخولها على زوجها، ومن القصص العجيبة أن شابًا تزوج بفتاة، ثم أراد يختبرها فأصبح يرسل لها على جوالها الخاص أنا صديقك وأنا صديقك، وهي تنفي، فقال لها: كيف تنسين العشرة وأنا صديق قديم، فقالت: نعم، عبدالله وأنني تزوجت، فقالت له: أتصل اسمع صوتك لأتأكد، قال: لا أستطيع أنا بين الأهل ومتزوج. وبعد فترة اتصل عليها زوجها، وقال لها: من كلمتِ اليوم، فقالت: لا أحد. فرمى عليها يمين الطلاق. لذلك أتمنى ألا تطول المدة، فإما أنهم يخطبون ويعقدون بمدة لا تتجاوز الشهرين، وفي خلال الشهرين لا مانع أن الرجل يكلم المرأة، ويفهم نفسيتها، وتفهم ما يريد منها، وما تريد منه، ويستعدون لحياتهما الزوجية. وينفي الشمري وجود تصادم بين العرف والشرع، فيقول: بعض العلماء يرون وجوب الإعلان فلابد أن الناس يعلمون، وأن تقام وليمة للعرس، فصحيح أنها زوجتك بعد العقد لكن هناك عادات لا نخرج عنها، فلا يصح أن يخرج معها بدون إعلان للملكة، وإن كانت بعض الأسر لا تمانع في أن يخرج معها بعد الملكة، فبعض الناس بمجرد ما يعقد عليها فهي زوجته لكن لا يحق له أن ينام معها في الخارج، لها أن تخرج معه لشراء أثاث أو غيره، ومن وجهة نظري أرى أن العرف له دور بحيث لا تحدث لقاءات كثيرة. الملكة والخطبة ومن ناحيته يوضح الداعية الإسلامي الدكتور سعود الفنيسان أن الملكة هي عقد النكاح وأضاف: تعارف الناس أنه إذا تمّ العقد بولي وشاهدين ومهر وقبول فهنا انتهى الإشكال وأصبحت زوجته، تبقى قضية الدخول فهذا أمر عرفي من ساعة عقد القرآن، فيجوز له شرعًا أن يدخل بها، لكن قد تعارف على أن الملكة تكون منفصلة عن الدخول، فقد يعقدون قبلها بسنة أو سنتين أو شهر أو شهرين بأي عرف من الأعراف إذا انتهت مدته، سواء وضع الحفل أو لم يُوضع سواء أولم أو لم يولم مادام تمّ العقد فهي زوجته تمامًا، لكن قد يُطلق بعض الناس الملكة على الخطبة، فالخطبة من دون عقد فهنا لا زالت المرأة أجنبية عنه؛ لأن الخطبة أن يتقدم الرجل ليد من يريدها زوجة له فهذه تعتبر خطبة، وهل توافق هي أم أهلها أم لا؟ فإن وافقوا فهنا لا يترتب على هذه الموافقة حكم شرعي إلا مجرد النظر إلى المخطوبة. وأضاف الفنيسان: ليست هناك فترة محددة لعقد النكاح، ولكن الأفضل أن تكون قصيرة وقريبة؛ لأنه إن طالت المدة في الغالب يقع بين أهل الزوجة والزوج خلافات ومشكلات، وربما ساهم في الفراق قبل أن يُعلن النكاح أمام الناس، وينبغي أن يتم اللقاء والاتصال بينهما من حين كتابة العقد هو الأفضل والأولى، وكلما تأخر الدخول عن الملكة كلما أدى إلى ذلك إلى مالا تحمد عقباه في الغالب.