• ختم الصديق العزيز الأستاذ محمد عمر العامودي مقاله الرائع يوم الأربعاء الماضي بتساؤل وحيرة يقول فيهما: «أين الرجال اليوم؟ سؤال لم أجد له جواباً!!» وهو محق في تساؤله وحيرته. وكما أعرفه فأبوعلاء من عليّة القوم عقلاً وفكرًا، ومثل تساؤله هذا وحيرته تستحق الوقوف والتأمل والتحليل. • المؤسف أن تكون أجوبتنا كلنا وبدون استثناء عن السؤال بالسلب. فالواقع الحياتي المجتمعي العام يبين بكل وضوح أن الرجال الحقيقيين في أقوالهم وأفعالهم افتقدناهم، فلم يعودوا موجودين إطلاقا وهو ما أدّى إلى كل التفكك المجتمعي سواء في صورته الأسرية أو الأخوية أو الصداقة. • العواطف الإنسانية الصادقة، والمشاعر الأخوية الحقيقية، والفضائل من صدق وشهامة ومروءة ونزاهة وإيثار وئدت بأيدينا نحن، سعياً وراء الماديات والمصالح الشخصية الضيقة والقميئة. فالثروة كما أشار أبوعلاء أهم في نظر بعض الإخوة من سمو الأُخوّة وعمق رابطة الدم، وأواصر القرابة فلهذا يتقاتلون عليها، ويلجأون إلى المحاكم وربما إلى السلاح كما حدث مع الأخ الذي قتل أخته، وجرح الأخرى في القاهرة وهم من أبناء هذه التربة المباركة. • والمحيّر في رؤية كل هذه الانحرافات السلوكية والأخلاقية في مجتمعنا، هو إذا كان هذا الواقع وهو مؤلم لكل مخلص لهذه التربة الطاهرة، فما هو الحل؟ أو أين الحلول؟ ومن هي الجهات المسؤولة عن إيجاد حلول ناجحة لهكذا إشكاليات؟؟. • لا أزعم إطلاقاً أني قادر على رسم خارطة، أو وضع أجندة تحدد ملامح لحلول يمكن أن تساهم في الإقلال إن لم يكن إلغاء كل هذه الإشكاليات، ولكني وبكل الصدق لهذا الوطن وأهله أقول: إن العبء الأكبر في وضع حد لحالة التفكك والانسلاخ السلوكي والخلقي في تعاملاتنا الحياتية يعود إلى مؤسسات حكومية وأهلية محددة. • أولى هذه المؤسسات وزارات التربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والإعلام ورعاية الشباب. فكل مؤسسة من هذه الوزارات لها دور مؤثر وهام في: إمّا استمرارية الإشكاليات، أو حلها. فنحن بكل أسى نفتقد في تعليمنا بشقيه العام والجامعي وضمن مناهجهما ونشاطاتهما التركيز على الجوانب التربوية والسلوكية في نفوس الطلاب من الجنسين. • كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تُظهر حتى الآن اهتماما بمعالجة المشكلات اليومية التي تعيشها بعض شرائح مجتمعنا السعودي بقدر ما تهتم بالشق التنفيذي في احتواء العنف الأسري أو التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي. وكان حريًا بها ومع أكاديميات متخصصة أن تدرس وتناقش وتحلل وتضع الحلول لعلاج طويل المدى. وهذا ينطبق أيضا على رعاية الشباب والإعلام اللتين اكتفتا بدور المنفذ أكثر من دور المخطط والإستراتيجي. • صناعة فضاء ثقافي سليم لم يعد مستحيلاً وإن كان صعباً إذا ما توفرت الإرادة والعزيمة الصادقة، فالفرد كما يقال ابن مجتمعه وإفراز طبيعي له، فإن كان الفضاء الثقافي الذي يعيشه صحياً أخرج أفراداً أسوياء والعكس صحيح. فهل تأكيداً لتساؤل أبوعلاء نحن جادون في صناعة رجال يكونون سنديانات عملاقة تسند المجتمع وتحافظ على تماسكه، أم يبقى الكتان زي ما كان؟!!. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]