فتحت فتوى إرضاع الكبير للشيخ عبدالمحسن العبيكان الباب أمام تخرصات ما أنزل الله بها من سلطان. فقد تعرض فضيلته لانتقادات داخلية وتعليقات تدنت في السخرية والتندر من الشيخ وفتواه. غير أن انعكاساتها الخارجية كانت أخطر. فقد وجدت محللتان نفسيتان أمريكيتان في الفتوى فرصة للهجوم على الإسلام ورسوله والمجتمع السعودي بأكمله، حيث اعتبرتا أن الفتوى «تعبير عن ثقافة إسلامية وعربية مشوّهة نفسيًّا، تعاني الحرمان في الصحراء القاحلة، مقابل أرض إسرائيل التي تفيض بالعسل واللبن». وتمادت المحللتان النفسيتان الأمريكيتان نانسي كوبرين، وجواني الأشقر حتى وصلتا إلى المملكة بقولهما: «إن هذا القدر المحتم للعيش في الصحراء دفع السعوديين إلى اختيار اللون الأخضر لعَلَمهم؛ بحثًا عن النماء والخصب في أرض قاحلة، بينما تنمو حياة اليهود وتزدهر في الخصب والنماء، ويرتفع علم إسرائيل أبيض وأزرق، ويتجه إلى السماء في سمو ورقي». ولم يقف الأمر عند حدود السعودية، بل وينطبق على بقية المسلمين الذين «لا يعلمون كيف يبكون خسارتهم لهذا اللبن»؟! فاعتبرتا فتوى الشيخ العبيكان لإرضاع الكبير مؤشرًا على أن المجتمع المسلم مجتمع يتيم، وإن كنت لا ألوم المنتقدين للفتوى على انتقاداتهم، وإن طالت ألسنة بعضهم، فإن اللوم الأكبر هو ترك العنان لفتاوى أصبحت تصدر من كل حدب وصوب، خاصة من أولئك الذي يبنون شهرتهم بإصدار الشاذ من الفتاوى طالما حققت لهم الشهرة والانتشار، حتى ولو على حساب مصالح وطنهم وأمتهم.