لم تعتقد المواطنة ( ص.ح) أن معاناتها مع محطة محروقات لا تبعد عن منزلها في حي النعيم بجدة بأكثر من خمسة أمتار، ستستمر على مدى 16 عامًا، تقدمت خلالها بشكاواها إلى 18 جهة حكومية، حسب إفادتها. وتشكو المواطنة -45 عاما- من روائح بترولية تنبعث من المحطة عند تفريغ الناقلات لحمولتها من الوقود بها، مشيرة إلى أن تلك الروائح كانت السبب الرئيسي في إصابتها هي وأبنائها وكذلك زوجها الذي توفى -يرحمه الله- بالعديد من أمراض الحساسية الصدرية والرئوية حسب التقارير الطبية التي حصلت “المدينة” على نسخة منها. وتضيف: هناك تسربات بترولية إلى خزان مياه المنزل وهو ما تسبب في إصابة أبنائي بأمراض جلدية، كما أن موقع المحطة غير نظامي ويخالف تعليمات ولوائح الأمانة والدفاع المدني، وقد أخذت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عينة من خزان المياه وبعد تحليلها أكدت الرئاسة في تقريرها أن خزان المياه يحتوي على كمية كبيرة من البنزين إضافة إلى مركبات عضوية تفوق المعدل الطبيعي. وتتهم المتضررة عددًا من الجهات من بينها الأمانة بأنها لم تتخذ أي إجراء لرفع الضرر عنها، مطالبة المسؤولين والمختصين بوضع حد لمعاناتها وأبنائها التي لم يتم الفصل فيها حتى الآن. وبنقل معاناة المواطنة إلى أمانة جدة واتهامها لها بالتقصير في التعامل مع قضيتها، أوضح مدير المركز الإعلامي بالأمانة أحمد الغامدي أن المدعية ( ص.ح) تقدمت بشكوى لأمين جدة والذي حولها إلى جهة التظلمات بالأمانة، وبدراسة الشكوى ومتابعتها ميدانيا تم إلزام صاحب المحطة بتعديل ارتداد فتحات خزانات الوقود عن الشارع الفرعي المجاور لمنزلها إلى ثمانية أمتار حسب الاشتراطات النظامية. كما تم إلزامه بدفع جميع تكاليف الكشف عن الأثر البيئي جراء تسرب أي مواد بترولية باتجاه خزان المياه الخاص بمنزل صاحبة الشكوى إن وجدت، مؤكدا أن المحطة مرخصة نظاميا. وأضاف أن المبنى الواقع أعلى المغسلة هو عبارة عن مسجد لعمال المحطة والسكان المجاورين ومصرح به حقوق الإنسان: أبلغنا الأمانة ونتابع رفع الضرر عن المدعية أكد مساعد المشرف العام بفرع هيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة إبراهيم منيع النحياني أن الفرع تلقى شكوى المدعية وتم الوقوف على موقع المحطة وإخضاعه للدراسة والتحقق من مدى الأضرار التي قد تلحق بالسكان المجاورين، وتم التنسيق بين عدة جهات معنية كأمانة محافظة جدة والرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة، وتبين من خلال نتائج قياسات الانبعاثات الصادرة عن المحطة عدم وجود تجاوزات لمعايير جودة الهواء الخاصة بالرئاسة، وبناء على ذلك تم إشعار الأمانة، والتي أوضحت بدورها أنه تم نظر الشكوى من قبل لجنة تظلمات الأراضي والتخطيط العمراني والخدمات بالأمانة، حيث أوصت بإلزام صاحب المحطة بتعديل ارتداد فتحات خزانات الوقود من الشارع الفرعي المجاور لمنزل المتظلمة بحد أدنى ثمانية أمتار مع إلغاء المباني أعلى المغسلة، مؤكدا أن الهيئة لازالت تتابع ما أوصت به اللجنة، لما له من أهمية في رفع الضرر عن المدعية.
باحث شرعي: الأمانة والدفاع المدني يتحملان المسؤولية أوضح شاكر السفياني المحامي والباحث الشرعي أن الشريعة جاءت بحفظ الضروريات الخمس ومنها حفظ النفس، كما أن النظام الاساسي للحكم نص على أهمية حفظ النفس والابتعاد عن كل ما يتلفها أو يؤدي بها إلى الهلاك، لافتا إلى أن موقع المحطة في المخطط السكني مخالف، نظرا لقربه الشديد من الأهالي، كما أنه مخالف لأنظمة وتعليمات البلديات والدفاع المدني. وأشار إلى أن تقارير الجهات الحكومية أكدت وجود خطر حقيقي، وبالتالي لا بد من إزالته من قبل الجهات المعنية. وأكد السفياني أن الأمانة والدفاع المدني تتحملان مسؤولية هذه المخالفات وعليهما سرعة البت في هذه القضية والانتهاء منها حفاظا على ما تبقى من أرواح، موضحا أن لم تقم تلك الجهات بإزالة الخطر، فإنها ستكون معرضة للمساءلة القضائية باعتبارها ذات مسؤولية مباشرة عن تلك الأخطار، وأنه يجب على الجهات المعنية الضمان الشرعي المترتب على وفاة أحد السكان بسبب هذا الخطر.