قال الضَمِير المُتَكَلِّم: كان الحديث أمس عن قيام بعض الفقهاء المعاصرين بالتضييق على عامة الناس باختيار الأقوال والأحكام المتشددة، وعَضْل الناس على الأخذ بها، بينما نراهم من وجه آخر يتساهلون في أمور أخرى، وكان المثال الحاضر أمس التساهل في قروض وبرامج البنوك التمويلية.. وإليكم صورة أخرى يرسمها التساهل في عقود الأنكحة، وظهور أنواع من الزواج أساسها وبداياتها من تلك الفئة، فمنهم مَن يسافر لبضعة أيام لإحدى الدول ليتزوج من الصغيرات، لفترات قصيرة ومحددة، وحجته أقوال مرجوحة في جواز الزواج بنية الطلاق؛ بل وآخرون يتزوّجون هنا من أجنبيات مقيمات (طبيبات، أو ممرضات، أو عاملات في مشاغل نسائية)، وعندما تسأل أحدهم: أين الموافقة الرسمية؟ وكيف تُوَثّق العقد؟ يقول: “يا هذا كفاية تعقيد وتشكيك بما أحلّ الله”، يا أنت العَقْد في صورته الحديثة مجرد إجراء ورقي روتيني، يكفي في عقد الزواج عبارات الإيجاب والقبول والشهود! ولو ناقشته عن الوَلِي! لَنَهَرك قائلاً: ألم تعلم بالقول المنسوب لأبي حنيفة النعمان في جواز تزويج المرأة لنفسها، أو أن توكل مَن يقوم بذلك قياسًا على تصرفها بمالها؟! أولئك المتساهلون في أمور لهم فيها مصالح، هم مَن يطبّقون نظرية (سَد الذرائع)، ويأخذون من الأحكام والأقوال أشدها في تعاملهم مع قضايا عباد الله، فلو رأوا أحد البسطاء وقد زاد ثوبه أو بنطاله عن الكعب قَيْد أنملة ترتفع أصواتهم، وتتورّم أوداجهم نهرًا وتقريعًا، أولئك هم من يقدمون في المرأة سوء الظن، ويُزْبِدون ويرعدون لو رأوا امرأة خارجة من بيتها تقضي مصلحة أولادها، والطامة الكبرى لو شاهدوها لا تضع العباءة السوداء على الرأس!! العلماء لا شك هم قادة الأمة وهم حصنها، وبلادنا شرفها الله بالكثير من العلماء المخلصين الصادقين الذين يراقبون الله في كل أحكامهم وتصرفاتهم، ولهم نرفع تلك الممارسات! رأيكم دام عِزكم؟! ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. [email protected] فاكس : 048427595