مقال الأسبوع الماضي (من التعليم العالي إلى الطيران المدني يا قلبي لا تحزن !!) الذي قارنت في جزئه الأول بين ميزانيات الجامعات و ما تتيحه من مقاعد للمتقدمين، حظي بعدد من تعليقات القراء الكرام على موقع الجريدة بين مؤيد ومفند، و تلقيت على إثره خطاباً من معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان، تضمن دعوة كريمة من معاليه لزيارة الجامعة، التي لم تعد جامعة فقط، ولكنها مؤسسة تنموية شاملة، تجاوزت خدماتها الوظيفية التعليمية، للاطلاع على مشاريعها التطويرية. و قبل أن استطرد في سرد ما جاء في الرسالة من معلومات حول الجامعة، أود أن أؤكد لمعاليه أنني أتابع بسرور وغبطة نشاط الجامعة منذ توليه إدارتها، وسعيه الدؤوب لأن تتبوأ الجامعة مركزاً متقدماً بين الجامعات العالمية، و أتمنى أن يحذو مديرو الجامعات الأخرى حذوه، شريطة أن يحظوا بما تحظى به جامعة الملك سعود من دعم مادي و معنوي من الجهات الحكومية، و من الشخصيات العامة والخاصة، ففي ذلك فليتنافس المتنافسون. جاء في رسالة معاليه أن ميزانية الجامعة لا تكفي على الإطلاق لمشاريعها، وأن الميزانية التي أشرت إليها في المقال (7 مليارات) موزعة على النحو التالي: 30% للجامعة ، و40% لبناء مدينة جامعية للطالبات، ومشاريع تعليمية أخرى، وهذه الميزانية تظهر وقت تنفيذ المشروع ثم تنتهي العام الذي بعده، 30% مخصصة لمستشفى الملك خالد الجامعي، و مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي، و مستشفى طب الأسنان، والذي تشرفت الجامعة العام المالي الماضي بتقديم خدمات علاجية للمواطنين على النحو التالي: · عدد المراجعين في المستشفيات الجامعية أكثر من 937 ألف مراجع. · عدد المنومين تجاوز أكثر من 79 ألف مريض. · العمليات الجراحية التي أجريت أكثر من 47 ألف عملية جراحية. ثم يقول معاليه: فيما يخص عدد المقبولين فالجامعة لا تقدم نظام الانتساب مدفوع الرسوم من الطالب. و قد تتفق معي أخي الكريم أن مثل هذه المقالة سوف تؤثر سلباً على ميزانية الجامعة هذا العام، و بالتالي سوف يكون المتضرر الوحيد هو المواطن الذي يتلقى الخدمات العلاجية الكبيرة من هذه الجامعة. ثم يختم الرسالة بأنه نظراً لعدم كفاية ميزانية الجامعة لجأت إدارة الجامعة إلى تأسيس أوقاف بأكثر من 4000 مليون ريال، و هي عبارة عن تبرعات من أصحاب السمو و رجال المال و الأعمال. و أما تعليقي على ما تفضل معاليه بإيضاحه فهو كما يلي: · إن حديثي لم يقتصر على ميزانية العام الحالي، وإنما على ميزانيات الجامعات عبر السنوات –إن لم أقل العقود- الماضية، والتي تفوقت فيها أرقام ميزانيات جامعة الملك سعود، بشكل دائم على أرقام الجامعات الأخرى، برغم أنها ليست كبرى الجامعات من حيث عدد طلابها ومنسوبيها. · مسألة المشاريع التعليمية و المدن الجامعية، فالحاجة إليها قائمة في كل الجامعات ومن حقوقها، و على وزارة المالية أن تكون متوازنة في توزيع مخصصات المشاريع على الجامعات. · مسألة أن الجامعة لم تعد جامعة فقط وأنها مؤسسة تنموية شاملة، فهذا هو الدور الحقيقي للجامعات، وكل جامعاتنا تسعى للقيام بدورها في هذا المجال، وللميزانيات المخصصة لكل جامعة تأثير على مستوى ما تقوم به. · مسألة الخدمات العلاجية عبر المستشفيات الجامعية التابعة للجامعة، فلي معها وقفتان، الأولى هي أن جامعة الملك سعود ليست الوحيدة في تقديم خدمات علاجية عبر مستشفياتها الجامعية، و أما الإحصائيات حول عدد المراجعين و المنومين والعمليات فأتركها للقائمين على الجامعات الأخرى. أما الوقفة الثانية فهي أن الميزانيات هي التي مكنّت جامعة الملك سعود من تأسيس و تشغيل ثلاثة مستشفيات جامعية، في حين أن جامعة أم القرى على سبيل المثال لم تتمكن حتى الآن من إكمال تأسيس مستشفى جامعي واحد، برغم مضي ما يقارب العشر سنوات من تأسيس كلية الطب فيها. وهنا العتب على وزارة المالية وأسلوبها في اعتماد الميزانيات للجامعات وغير الجامعات، عبر العقود الماضية، و هو ما تسبب في اختلالات تنموية، سوف تتفاقم ما لم يتم تدارك الأمر بتجديد ذهنية ودماء وزارة المالية، و تحديث أساليبها و آلياتها في اعتماد المشاريع و الميزانيات بما يحقق هدف التنمية المتوازنة. · و أما مسألة أن الجامعة لا تقدم نظام الانتساب مدفوع الرسوم من الطالب، في إشارة إلى أن الجامعات الأخرى تحصل على موارد أخرى غير الميزانية، فإنني أضع تحت أنظار معاليه و القراء الكرام ما تفضل بإيضاحه أحد القراء على موقع الجريدة بأننا حتى لو افترضنا أن (جميع) ما تتيحه جامعة الملك عبدالعزيز من مقاعد هو للانتساب مدفوع القيمة لكان العائد المادي للعام الدراسي كله (36750مقعد×6000 ريال = 220,500,000ريال) ، (مائتان و عشرون مليوناً)، في حين أن الزيادة في ميزانية جامعة الملك سعود تتجاوز الثلاثة آلاف و خمسمائة مليون. · أما مسألة أن مقالي سوف يؤثر سلباً على ميزانية الجامعة هذا العام، فإن اختلافي مع معالي مدير جامعة الملك سعود في الرأي –وهو ما لن يُفسد للود قضية- هو أن معاليه نظر من زاوية الجامعة التي هو المسؤول الأول فيها، وخوفه من أن تؤدي المقالة إلى تقليص ميزانية الجامعة، و هو أمر لن أطالب به، و لن يكون إلاّ إذا كانت الجامعة تحصل على أكثر مما تستحق. في حين أنني نظرت لجامعات الوطن الواحد كلها، و أثرها الكبير على التنمية في مختلف مناطق المملكة، و أن من حقها أن تحصل على ما تستحقه، وفقاً لمعايير عادلة وشفافة، و أهمها عدد طلابها، فهو يعكس حجم ما تقدمه من أبحاث و خدمات للمجتمع وللتنمية. انتهت المساحة المخصصة للمقال ، و الأسئلة لا تزال معلقة أمام وزارتي المالية و التعليم العالي. فاكس 5422611-02 Email: [email protected]