في اعتراف علنيّ نادر قال السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية: إن العرب قد أخطأوا في الدخول في مفاوضات سلام مع العدو الصهيوني، بمعنى أنهم يعرفون مسبقا أنها لن تؤدي إلى أي نتيجة. ولربما كان من واجب الأمين العام، أن يعترف بأنه تأخر كثيرا في زيارة قطاع غزة، بعد أن زارها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مرتين، الأولى في يناير 2009 في أعقاب الغزو العسكري الدموي وبدء الحصار مباشرة، والثانية في مارس 2010 كما زارها غيره من الشخصيات الدولية الأجنبية، مع ملاحظة أن الأمين العام للجامعة العربية، زار غزة مع بعض مساعديه ولمدة 12 ساعة، بينما كان من المفروض أن يصحبه أكبر عدد من ممثلي الدول العربية الأعضاء في الجامعة، ليكون كسر الحصار رسالة دعم عربي شامل للقطاع المحاصر برا وبحرا وجوا، وبادرة تعاطف مع أهل القطاع. * * * ليس من المجدي المضيّ قدما في مثل هذه المقارنات الأليمة، كأن نقارن مثلا بين موقف الحكومة التركية من الحصار، ومن الجرائم الصهيونية عموما، ومواقف العرب، أو بين محاولات المناصرين لفلسطين من كل جنس ولون، بما في ذلك بعض الإسرائيليين، لكسر الحصار والتنديد بجرائمه والصدى الدولي الذي أحدثوه، وبين الحماس الفاتر لدى العرب والمسلمين. لقد نجحت قافلة السلام التركية، في تفجير غضب دولي عارم على الكيان الصهيوني الغاصب، وفضح جرائمه الدموية، ودفع الدول الأوروبية والاسكندنافية - والإدارة الأمريكية إلى حد ما - لإدانة إسرائيل، وهو سلوك نادر لم تجرؤ على اتخاذه مثل هذه الدول، التي تمثل شريان الحياة للعدو اقتصاديا وعسكريا ودوليا، بالإضافة إلى مقاطعة العدو والتنديد بجرائمه من مئات جماعات السلام، وحقوق الإنسان، والجامعات، وعمال الموانئ، واتحادات المهنيين حول العالم، مما يؤكد أننا لا نحتاج أبدا إلى شن حرب على إسرائيل، وأن لدينا من الوسائل الاقتصادية والتعبئة الدولية والضغوط السلمية والمقاطعة التامة، ما يكفي لشلّ إسرائيل وانتزاع الحقوق العربية والفلسطينية منها، إذا صح منا العزم وصدقت النية، وتمت تعبئة الأمة بكل ثقلها الدولي، حتى ولو استغرق كل ذلك عشرين عاما، كما استغرقت مباحثات السلام التعيسة مع العدو، والتبادل الدبلوماسي والتجاري ومعاهدات السلام مع حكومته.