قتل شخص وجرح اثنان آخران عندما اطلقت قوات الامن النار في الهواء امس لتفريق تظاهرة قام بها آلاف من سكان البصرة امام مجلس المحافظة احتجاجا على النقص الحاد بالتيار الكهربائي، بحسب مصدر في الجيش العراقي. ورشق المتظاهرون الغاضبون ديوان مجلس المحافظة بالحجارة مطالبين بإقالة وزير الكهرباء كريم وحيد ومحافظ المدينة الغنية بالنفط شلتاغ عبود. ورفعوا لافتات كتب عليها "لا نريد النفط والدواء بل الماء والكهرباء" و "جماهير البصرة تطالب المرجعية العليا بتوفير الخدمات للمواطنين"، ورددوا هتافات عدة بينها "اليوم سلمية وغدا حربية" في اشارة الى التظاهرة، وأخرى باللهجة المحلية "يا محافظ شيل ايدك (اي ارفع يدك) اهل البصرة ما تريدك". واطلق حراس مجلس المحافظة النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، لكن ذلك ادى الى مقتل متظاهر وجرح اثنين اخرين بجروح، بحسب مصدر في الجيش، وقال الشيخ حيدر علي حسن (55 عاما) ان "اهالي البصرة مظلومون في الزمن السابق والحالي. لا نريد نفطا بل نريد كهرباء وماء"، واضاف ان "الكهرباء تقطع خمس ساعات وتأتي ساعة واحدة رغم ان درجات الحرارة فقات الخمسين" وتساءل "هل هذا انصاف من الحكومة المحلية او المركزية؟"، وحذر من ان "هذه المظاهرة سلمية لكننا سنقوم باعمال لا تحمد عقباها اذا لم تتحقق مطالبنا". والبصرة اغنى مدن العراق ورئته الاقتصادية وتضم اكبر الحقول النفطية، فضلا عن كونها المرفأ الرئيسي لتصدير النفط. من جهته، قال محمد حسن جاسم (35 عاما) ان "الكبار والصغار يعانون من الحر الشديد من قلة الكهرباء"، داعيا الى "محاكمة الوزير ومحافظ البصرة"، واضاف "عندما زار وزير الكهرباء البصرة، لم ينقطع التيار الكهربائي وهذا يعني انه لا يوجد خلل بالكهرباء، انما الخلل في المسؤولين"، وكان وحيد قام بزيارة البصرة قبل يومين، ويتولى وحيد حقيبة الكهرباء منذ اربعة اعوام، وهو مستقل ضمن الائتلاف الشيعي الحاكم. وتابع جاسم "نطالب الحكومة المحلية بتوفير الكهرباء لسكان البصرة وإلا فسيكون هناك اعتصام في كافة الدوائر". وقد تحطم زجاج نوافذ مجلس المحافظة. ويعاني قطاع الكهرباء في العراق عموما من فشل في انتاج الطاقة طوال السنوات الماضية جراء تعرض المحطات وشبكات النقل الى اضرار كبيرة عند اجتياح العراق عام 2003، اعقبها اعمال تخريب خلال الاعوام الماضية. ويعتمد العراقيون وخصوصا في بغداد، على مولدات طاقة لمعالجة النقص المستمر الذي يصل الى حوالى 18 ساعة في اليوم، وفي بغداد، تظاهر العشرات في حي الكرادة (وسط) مطالبين باقالة وزير الكهرباء وزيادة ساعات التيار في جميع مناطق العاصمة، وحمل المتظاهرون لافتات كتب على احداها "اين الكهرباء يا وزير الكهرباء؟" و"اين الكهرباء يا رئيس الوزراء ويا مجلس النواب؟". وقال نصير فاضل (51 عاما) "معاناتنا لا توصف بسبب نقص الخدمات عموما والكهرباء خصوصا بالتزامن مع فصل الصيف والامتحانات النهائية"، وتابع "تصلنا الكهرباء ساعة واحدة مقابل ست ساعات انقطاع في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل لايطاق". من جانبها، قالت سارة عزت (20 عاما) طالبة قسم التاريخ في جامعة بغداد، "صبرنا قد نفد بسبب ما نعيشه من وضع غير طبيعي"، واضافت سارة التي جاءت مع والدها وشقيقتها للمشاركة في التظاهرة "حتى ثقة الناس بالمسؤولين الذين انتخبناهم تلاشت ومن المستحيل ان ننتخبهم مرة اخرى"، بدوره، قال والدها "لا اصدق ان الكهرباء تنقطع لساعة واحدة في منزل وزير الكهرباء". كما قالت امرأة في الاربعينات تعمل موظفة في وزارة النفط، "يصرح المسؤولون ان الكهرباء تتحسن منذ سنوات (...) اين ملايين الدولارات التي انفقوها؟". وفي السياق ذاته، كان زعيم المجلس الاسلامي العراقي الاعلى عمار الحكيم شن الاسبوع الماضي هجوما لاذعا على وزارة الكهرباء منتقدا وعودها "الكاذبة" ومنددا ب"انفاق 17 مليار دولار" على هذا القطاع الحيوي خلال اربع سنوات. وقال الحكيم ان "ازمة الكهرباء اصبحت مستعصية نسمع وعودا كاذبة للاسف الشديد من ان ساعات الكهرباء ستزيد لكن لم نجد اي مصداقية لهذه الوعود وطوال سنوات عديدة"، وندد "بانفاق 17 مليار دولار على مدى اربع سنوات على قطاع الكهرباء دون ان نحصل على كهرباء انها قضية كبيرة تستحق ان نقف عندها ونسأل اين ذهبت هذه المليارات؟ ومن المسؤول عن ذلك؟".