النصب والاحتيال والكذب أوجه متلونة تندرج في دائرة الغش الذي وجهنا ديننا بتجنبه بقوله صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا)في زماننا أصبح الغش بكل ألوانه وأشكاله ظاهرة من الظواهر السلبية التي لم تلق الجزاء الرادع، مما ساهم في تفشيها بكل جرأة من أصحاب النفوس المريضة التي تريد الحصول على المال بأي وسيلة كانت فالحلال بمفهومها الدنيء ما حل بيدها. نسمع ونقرأ كثيرا ما يرتكبه هؤلاء الدجالون من جرائم يكون ضحيتها نفرا من الناس غرر بهم ولبس عليهم تحت دعاوى مضللة ظاهرها فيه الشفقة وباطنها فيه الكيد والخداع. وجدت نفسي ملزماً، أن أسوق للقراء هذه الحادثة التي حصلت لزميلي في العمل بجدة مع نصاب ومحتال وافد ترك يصول ويجول دون رقيب ولا حسيب، وعندما يتحدث بها يريد للغير التنبه لأمثال هؤلاء. يوم الأثنين 24/6/1431ه تعرض لحالة نصب واحتيال كانت عن طريق مؤامرة نفذ سيناريوها الدنيء بإتقان محكم، بعد صلاة العشاء توجه لسيارته في شارع المكرونة بجدة فاعترضه شخص من جنسية عربية يسأله عن موقع وكالة سويستر للساعات ويقول له أن صاحب سيارة الأجرة تركه في هذا الموقع وهو لا يعرف شيئا، ويريد أن يذهب ليبيع ساعة معه فأخبره زميلي بأنه لا يعرف موقع هذه الوكالة وركب زميلي سيارته، وفي لمح البصر وقف شخص آخر يبدو أنه من نفسي الجنسية وأخذ يتحدث معه في ذات الموضوع فقال لصاحب الساعة أنا أتشريها منك بخمسة عشر الف ريال فانتظرني لأحضرها لك خلال عشر دقائق فوافق صاحب الساعة وقال المشتري لزميلي عليك بالرجل دعه بجانبك لا يذهب وسوف اعطيك الفي ريال فقال له لا يهمني ذلك ولكن سأبقى معه خدمة لك ريثما تأتي، وفي هذه اللحظات اخذ صاحبنا يتململ ويقول لقد تأخر وعندئذ قدم شخص آخر في الشارع فسأله عن موقع الوكالة المزعوم وتحدث معه في أمر هذه الساعة فالتفت هذا الشخص لزميلي وقال لماذا لا تشتريها أنت؟ فهي ثمنية وأنا أعرفها جيدا وستحصل على مبلغ كبير قرابة 50000 ريال لأنها ذهبية خالصة عيار 22 كما هو مكتوب بفاتورتها المختومة والمشتراة من محل مجوهرات فينا بدبي بمبلغ وقدره 48000 درهم إماراتي، قال زميلي لصاحب الساعة بعفوية لدي لك فيها ثلاثة الاف ريال لأنه غير مسموح لي بالسحب غير ذلك وكان صادقا في ذلك وعلى نيته، في هذه الأثناء قدم المشتري المزعوم الأول واعتذر له لعدم وجود الشخص الذي يعطيه المبلغ الخمسة عشر ألف وقال له تمويها سأعطيك 21000 ريال غدا إذا اردت أن تصبر، كل هذه الفبركة تمت أمام زميلي وحرص الجميع أن يكون زميلي مستمعا لذلك! يقول صاحب الساعة أنه قدم من دبي لكي يعالج والده ويأخذه معه براً به، وليس لديه قيمة التذكرة فالتفت لزميلي قائلا له، هل تكفي الثلاثة الاف للتذكرة؟ قال له زميلي لا أدري، فقال له هل الصراف قريب؟ قال له نعم قال بعتك الساعة وذهبا للصراف وسحب زميلي المبلغ وسلمه له، ثم اختفى بسرعة، عندئذ ساور زميلي الشك بأنه نصاب. ذهب زميلي لأصحاب الساعات والمجوهرات وسمع الخبر غير السار، حيث قالوا له بأنك لست الضحية الأولى لهذه الساعة إنها ليست ذهبية ولا تساوي 50 ريالا وغيرك سلم بها 48000 الف ريال وآخر سلم 12000 الف ريال وكل ذلك في هذه الساعة وبهذه الفاتورة المزيفة. حمد زميلي الله أنه لم يسلمه غير هذا المبلغ وكان يفكر اثناء الحوار معه واعوانه ان يسلمه 10000 الاف ريال ثم 5000 حتى استقر الأمر به على 3000 وحمدالله على ما قدر. ليس الهدف من سرد هذه القصة بيان سذاجة زميلي، فقد كان مغاليا في الحرص والحذر من النصابين والمحتالين، ودوما يحذر أبناءه وغيرهم من مغبة الوقوع في شراك هؤلاء وأضرابهم، ولكن الهدف الأسمى هو تحذير المواطن الكريم من الوقوع في شراك هؤلاء، وعدم الالتفات البتة لدعاواهم المزيفة، فالحمدلله ما وقع لزميلي يعتبره أمراً هيناً من حيث قيمته المادية، ويرى أن ما حدث درس له وعبرة لغيره، ويناشد الجهات الأمنية بالتحري عن هؤلاء والقبض عليهم وإنزال أشد العقوبة في حقهم، حمى الله الجميع من هؤلاء النصابين والمحتالين والدجالين وكشف أمرهم.