كثيرة هي السمات التي تميز المملكة العربية السعودية عن سواها من الدول والممالك، وهي اكثر من ان تعد او تحصى، ما بين امن واستقرار ودعة وسكينة واعتماد شرع الله منهجاً ودستوراً. وقد تكون من ابرز سماتها ان لم تكن الابرز في هذا العهد الزاهر انها بحق “مملكة الانسانية”. فمنذ تأسيس هذه البلاد الطيبة على يد صقر الجزيرة جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله قبل قرن من الزمان او يزيد، وهي تتحمل مسؤوليات جمة في نصرة قضايا الحق والعدل في العالم كله، وتقوم بواجبها خير قيام تجاه المقهورين وذوي الحاجة في العالم كله بعامة وفي العالم الاسلامي بخاصة. وقد رسم الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله لابنائه من بعده سياسة المملكة الثابتة والواضحة في اغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، وضرب يرحمه الله امثلة حية لمواقف اسلامية انسانية صادقة في دعم الشعوب الاسلامية المقهورة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني إبّان احتلال ارضه وتشريد ابنائه وكان الملك عبدالعزيز وقتها على علاقة وطيدة برؤساء وقادة العالم فسخر كل طاقاته وعلاقاته للاسهام في رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني. وخلال حكمه يرحمه الله، وبعد وفاته وتولي ابنائه من بعده، استمر وقوف المملكة العربية السعودية بقوة مع القضايا العادلة في العالم، خاصة ما يتعلق منها بالمسلمين. وكانت ولا تزال قضية المسلمين الاولى وهي قضية فلسطين في طليعة هذه القضايا جميعاً، فوجدنا اصراراً وعزيمة كبيرين لدى قادة المملكة العربية السعودية على حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. كما رأى العالم كله مساعدات المملكة حكومة وشعباً تترى لهذا الشعب المظلوم. ومن استعرض المساعدات العالمية للفلسطينيين خلال عقود مضت سيرى بأم عينه ان مساعدات المملكة العربية السعودية كانت دوماً تتصدرها كما كانت ولا تزال تفوقها ولله الحمد والمنة. وكرم المواقف في هذا البلد المعطاء قاسم مشترك بين حكامه وشعبه، فما ان يتعرض شعب مسلم لازمة من حرب او مجاعة او كارثة طبيعية الا وتجد قادة هذه البلاد يهبّون لنصرته، فترسل قوافل المساعدات وتمد الجسور الجوية، وتغدق المعونات المالية والعينية، ثم اذا نادى المنادي لهذا الشعب المسلم ليمد يده لاخوانه في اي بقعة من بقاع العالم الاسلامي، وجدت العطايا تتدفق في جحفل لجب ما بين اموال بالملايين، وذهب بعشرات الكيلوجرامات، واكثر من ذلك، فقد يتبرع الواحد منهم بسيارته التي ربما لا يملك غيرها. وفي ذكرى البيعة الخامسة لملك الانسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، برزت مظاهر العون الانسانية التي بادر بها يحفظه الله من خلال انجازات رائدة شتى في العالم كله فمن ينسى تحركه الفوري واصداره الاوامر والتوجيهات اللازمة للمسارعة في تقديم العون والمساعدة للمتضررين من الزلازل العاتية في باكستان وكشمير والهند وقد تحدثت وسائل الاعلام العالمية عنها، وبناء عليه قام صاحب السمو الملكي الامير احمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية على رأس وفد رفيع المستوى يوم الاحد 4/10/1426ه بزيارة الى جمهورية الباكستان الاسلامية لمقابلة المسؤولين فيها وزيارة المناطق المتضررة من الزلزال وتقديم المواساة وابداء مشاعر التضامن مع الشعب الباكستاني المسلم تعبيراً عما يكنه خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة والشعب السعودي كله للشعب الباكستاني الشقيق. ومن ثم اشارت الاحصاءات الدقيقة الى ان المملكة قدمت اكثر من مليار ريال مساعدات للمتضررين لتصبح بذلك صاحبة اكبر دعم من بين جميع الدول. وان يكن ذلك مثالاً واحداً من الدعم المالي الضخم للشعوب الاسلامية الذي يقدمه عبدالله بن عبدالعزيز، فإن اوجه الدعم السياسي والمعنوي للمسلمين اكثر من ان تحصى او تعد، فتحت شعار “الدفاع عن الاسلام” انعقدت القمة الاسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة يوم الاربعاء 5/11/1426ه واراد لها خادم الحرمين الشريفين ان تكون نقطة تحول في تاريخ الامة الاسلامية ومنعطفاً في مسيرتها، وان يصبح المستقبل والتضامن الاسلامي واقعاً، وكان الشعار شاملاً لمن يهاجم الدين الخاتم من المناوئين، ومن بعض ابناء المسلمين الذين يضربون مثلاً سيئاً بالغلو والتطرف والانحراف الفكري. واستنادا الى رؤى وتوصيات العلماء للقمة وضع برنامج العمل العشري بترسيخ قسم الوسطية والاعتدال والتسامح ومناهضة العنف اضافة الى التصدي لظاهرة كراهية الاسلام والمسلمين بتحقيق التضامن والتعاون بين الدول الاسلامية وهذه الخيرية الواضحة سبق ان لامسها الشعب السعودي كله بملء سمعه وبصره حين كان يحفظه الله ولياً للعهد حين قام في رمضان من عام 1423ه بزيارة للاحياء الفقيرة في مدينة الرياض واحدثت هذه الزيارة غير المسبوقة صدى واسعاً في المجتمع ومن ثم صدر الامر السامي بتأسيس «الصندوق الخيري لمكافحة الفقر» على اساس علمي رصين. ومن اعماله الخيرة يحفظه الله قرار تأسيس “مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للاسكان التنموي” التي غطت الكثير من المشروعات الكبيرة للمواطنين في المجالات الخيرية كافة، وقامت المؤسسة وهي بعد مؤسسة ناشئة بتنفيذ مشروعات اسكانية عاجلة على الساحل الغربي للمملكة، ناهيكم عن المشروع العالمي الكبير: حوار الاديان الذي حقق تقارباً غير مسبوق بين اصحاب الاديان والمذاهب المختلفة. ولا تزال ايديه البيضاء تفيض بالعطاء كلما ألم مكروه ببعض ابناء شعبه او اي شعب آخر من العالم، وليس ما امر به يحفظه الله لاهالي العيص ومن ثم للمتضررين من سيول جدة، عنا ببعيد. ولو اتسعت المساحة في هذه المقالة لسردت عشرات الامثلة الاخرى التي تبين ان عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو عهد الخير والعمل الخيري اضافة الى ما تشهده المملكة من نماء اقتصادي غير مسبوق ولا عجب ان يحظى حفظه الله بلقب “ملك الإنسانية” عن استحقاق وجدارة.