قد لا يبدو مفهوما للبعض الحديث عن تشديد العقوبات الدولية ضد طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، رغم توقيعها قبل أيام على اتفاق لتبادل اليورانيوم، وهو المقترح الذي تقدمت به دول غربية ضمن مجموعة (5 +1)، بينما تقول إيران منذ التوقيع أن أمام العالم مهلة ضئيلة للبدء بتطبيق اتفاق التبادل وإلاّ اعتبرته طهران كأن لم يكن. الحقيقة أن أحدًا لا يصدق الإيرانيين، فاتفاق التبادل الذي قال بعده المتحدث الإيراني إنه لا يعني توقف إيران عن تخصيب اليورانيوم فوق أراضيها، لا يشتمل على ضمانات قاطعة ومحددة بأن طهران سوف تمتنع كليًا عن التخصيب وستفتح كافة منشآتها أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش والتأكد من وفاء طهران بالتزاماتها بموجب اتفاق التبادل. الإيرانيون من جانبهم قالوا إنهم لا يثقون في أحد، وليست لديهم ضمانات قاطعة بأن عملية التسليم والتسلم لليورانيوم التي من المقرر أن تجرى فوق الأراضي التركية بموجب الاتفاق سوف يجري الالتزام بها من قبل فرنسا وأمريكا.. وأخيرًا روسيا التي هددها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بتصنيفها ضمن أعداء إيران ما لم تتراجع عن استعدادها لتأييد العقوبات ضد طهران. بالتهديد الإيراني لموسكو والرد الروسي الصارم عليه أمس تكون طهران بصدد قطع وريدها، فالروس والصينيون هم من عرقلوا تشديد العقوبات ضد إيران على مدى أكثر من عام، والروس هم من تعهدوا لطهران بأن العقوبات لن تؤدي إلى إلغاء صفقة صواريخ اس 300 الروسية لإيران، ثم أن الروس هم من قالوا قبل أيام إن مفاعل بوشهر النووي الذي تقيمه شركات روسية في إيران سوف يدخل الخدمة بعد شهرين من الآن، وهكذا فتلويح طهران بمعاداة روسيا قد يحرمها من الصواريخ الروسية وقد يعرقل خطط تشغيل مفاعل بوشهر في موعده، كما قد يسهم في تشديد الموقف الروسي ضد طهران. الرد الروسي ضد تهديدات نجاد جاء قاطعًا وحكيمًا في نفس الوقت، فالمستشار الدبلوماسي للكرملين رد قائلاً: «لم ينجح أحد في الحفاظ على سلطته من خلال استخدام الديماغوجية السياسية».. المأزق الحقيقي في إيران إذًا هو الخلط بين الايدولوجيا وبين السياسة، فالديماغوجية لن تجلب الحلول لطهران، ولن تقيها شر عقوبات دولية بات توقيعها وشيكًا.