قال الضَمِير المُتَكَلِّم: بعد الأسبوع الأول من انتظامي في الجامعة الكاثوليكية في (واشنطن)، قال المرشد: حان الوقت لتفتح حساباً في بنك قريب يساعدك على تدبير أمورك المعيشية، فوافقت فاصطحبني إلى حيث استقبلتنا مديرة الفرع، وكانت امرأة في العقد الثالث ذات عينين خضراوين وشعر كستنائي عَقَصَته بإيشارب مخطط باللونين الأبيض والأسود، وتتدلى من عنقها إيقونة صغيرة عليها صورة شخص لا أعرفه، ترتدي بنطالا أبيض يعلوه معطف أحمر فوق قميص أبيض ووجه يَتّسِم بالسماحة! قالت: «بماذا أستطيع أن أخدمك.. يا سيدي؟» فأعجبتني كلمة «سيدي» هذه، ولم أتردد في إخبارها؛ فأطلقت ضحكة صافية ثم ابتدأت تعدد الخدمات التي سيقوم بها البنك! «سنتكفل بدفع كل ما يصلك من فواتير الماء والكهرباء، الهاتف، وإيجار المنزل – إن شئت – نستطيع أن نمنحك قرضا لشراء سيارة، وإن كانت لديك واحدة فسنقوم – نيابة عنك – بدفع أقساطها» كان هذا حديثها، ثم استرسلت حتى ظننت أن البنك سيغسل ملابسي، ويجهز إفطاري، ويطهو غدائي، ويسخن عشائي، ثم يُهَدْهِدني ويحكي لي قصة قبل منامي! ما إن انتهت من حديثها حتى أوصلتني إلى الباب وودعتني بأكثر مما استقبلتني به، وكأني أودعت عشرة آلاف ورقة من ذوات الألف من الدولارات، لا ثماني وريقات من ذوات المائة،شكرتها، فو الله أن للكلمة الطيبة سحرها، وللحادة خبثها، وكلتاهما تأتي من لسان واحد! الكلمات السابقة من مقال قديم للأستاذ الظريف (فؤاد الهاشم) نشرته صحيفة الوطن الكويتية في (26/3/1986م)!! قرأت هذا المقال القديم صدفة، فتذكرت (صِنْهَات) ذا الشَّنبات، الذي لا يملك في ملامح وجهه إلا التكشيرة، هو مدير فرع لأحد بنوكنا المحلية؛ المراجع المسكين لا يكلمه إلا بالهمس، ولا يجوز في حقه المصافحة أو اللمس، لأن (صِنْهَات) ذا الشَّنَبَات يستطيع أن يعطي العملاء (رُكبَة) عند الزِّحام بحجة أن النظام عَطَلان!! (صِنْهَات) ونائبه يفعلان ذلك لأنهما تعلّما أنهما صاحبا فَضْل على المواطن المسكين؛ لأن بنكهما امتص المواطن بفوائد قروضه وبطاقاته الائتمانية العالية، وهو يُتَاجر بأمواله، ويربح منها مئات المليارات، دون أن يمنح فوائدها؛ نعم بنكهما صاحب فضل فقد ذبح المواطن ولكن دون سِكين!! أما (مؤسسة النقد) فهي تمارس دور المتفرج الفرحان؛ فمتى يُنصف المواطن الغلبان؟ ربما إذا كان مدير البنك ذا بِنْطَال وشَعْر كستنائي! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. [email protected] فاكس: 048427595